بقلم: طارق قديـــس
على مدى يومين واستكمالًا للمسيرة التي أطلقتها روسيا الاتحادية لمَدِّ جُسور التعاون والتقارب مع العالم الإسلامي، انعقد المنتدى الدولي الخامس للصحفيين المسلمين في مدينة سانت بطرسبورغ الواقعة في اقصى شمال روسيا على مدار يومي 26 و 27 من شهر أيلول / سبتمبر برعاية مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي"، والتي تضم عددًا نَخبويًّا من الصحفيين والإعلاميين والكتاب والأدباء فاق الـ 50 مشاركًا من الدول الإسلامية والعربية وخارجها، وذلك من أجل النقاش والتحاور حول ظاهرة الأخبار الزائفة واستراتيجيات التصدي لها، خاصة وأن مساحة الأخبار الكاذبة تتسع شيئًا فشيئًا سواء في مجال الإعلام الورقي أو في شبكات التواصل الاجتماعي.
وقام المشاركون برفد المنتدى بعدد من المقترحات والآليات لمواجهة الهجمة الشرسة من الإعلام الزائف الذي يسعى إلى تضليل الرأي العام في العالم ككل، حيث استهل كبير مستشاري رئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية فينيامين بوبوف بالإشارة إلى أن العالم يمر حاليًّا بنقطة تحول في تطوره، كما أكد نائب رئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية السيد فريد محمدشين من خلال افتتاحيته على موقف روسيا الاتحادية من موضوع الشراكة مع البلدان الإسلامية بقوله بوجود شراكة تقليدية مع هذه الدول. كما أكد على أهمية التعددية الثقافية ورغبة روسيا الدائمة بتعميق الحوار بين مختلف الشعوب، ممهدًا الطريق لباقي المشاركين بالحديث عن واقع الأخبار الزائفة في الواقع المعاش والجهود المبذول لمواجهتها.
حيث قام المختص بالشؤون السياسية، وعضو مجموعة الرؤية الاستراتيجية روسيا – العالم الإسلامي وسام قلعجية بطرح العديد من النقاط الهامة في ورقته النقاشية، مثل قراءته للمشهد الروسي في الشرق الأوسط من خلال تسليط الضوء على سعي روسيا لإطلاق نظام الأمن الجماعي هناك كرد منطقي على الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج العربي، بحيث سيقف هذا النظام عائقًا أمام الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة المنفردة على منطقة الشرق الأوسط بأكمله، من خلال أدوات متعددة منها التركيز على إبرام اتفاقات مكافحة الإرهاب العالمي، والجرائم المنظمة، والحد من انتشار الأسلحة في المنطقة.
كما قدم وزير الثقافة السابق في إقليم كردستان العراق الدكتور محمود كاوه ورقته للحديث عن الإعلام الشعبي ودوره بإحداث التغييرات الاجتماعية لمصلحة الشعوب، وأنه لا يمكن النظر إلى القضايا الدولية بشكل مجرد بعيدًا عن القضايا الداخلية والصراعات المحلية وتفاعلاتها، بحيث تكون الأرضية ممهدة لتمرير الكثير من الأخبار الكاذبة من قبل جهات خارجية. بحيث أتت رؤى المشاركين متقاطعة في الكثير والكثير من الأمور.
هذا بالإضافة إلى مداخلة الصحافية والإعلامية التونسية سناء كليش والتي قامت باستعراض آثار الحرب النفسية والمعلوماتية على المجتمع والمتمثلة بترويج الشائعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، وأبرز صُورها نشر حالة اليأس، والصدمة، والخوف ، والتعاطف مع آراء المختلفة التي من شأن التقاطع معها أن يؤثر سلبًا على المجتمع وأفراده.
وقد أتى البيان مؤكدًا على ضرورة التنسيق بين الصحفيين الروس، والصحفيين من كافة الدول الأخرى للتصدي لظاهرة انتشار المعلومات الخاطئة عبر الالتزام بمبادئ أخلاقيات الصحافة، وأنه بإمكان توحيد الجهود أن يساهم مساهمة كبيرة في تحسين الوضع السياسي والروحي في العالم ككل، وهي خطوة مهمة في طريق الحد من انتشار الأخبار المزيفة التي من شانها أن تصل بخطورتها إلى الإضرار بالأمن القومي في الكثير من الأحيان، وهو الأمر الذي من شأنه أن يسير بهذا العالم نحو المجهول.