Ru En

إسماعيل بيردييف: قوة بلادنا في شعبها متعدد القوميات

١٧ مارس ٢٠٢٢

استضافت مدينة فلاديكافكاز، في الفترة من 15 إلى 17 آذار/مارس الجاري - 2022، المؤتمر العلمي والعملي لعموم روسيا "الخدمة الدينية والمهمة الاجتماعية للمنظمات الدينية في سياق تشكيل هوية مدنية روسية عامة". وقد تم تنظيم المؤتمر من قبل المركز التنسيقي لمسلمي شمال القوقاز، المجلس الديني لمسلمي جمهورية أوسيتيا الشمالية - ألانيا بمساعدة صندوق دعم الثقافة والعلوم والتعليم الإسلامية. وكان من بين المشاركين ممثلون عن السلطات التنفيذية الاتحادية والإقليمية والخبراء، بالإضافة إلى رؤساء الجمعيات الدينية والمنظمات العامة وموظفي المؤسسات التعليمية من 25 كياناً من الكيانات الروسية .


ناقش المشاركون خلال المؤتمر مجموعة واسعة من القضايا المرتبطة بمختلف جوانب حماية القيم التقليدية، بالإضافة إلى سبل تعزيز الهوية المدنية الروسية لشعوب روسيا. كان الموضوع الرئيس للاجتماع مناقشة الخطوات الروسية في أوكرانيا واعتماد قرار مشترك من وجهة نظر العقيدة الإسلامية.


وهكذا، شدد رئيس المركز التنسيقي لمسلمي شمال القوقاز، مفتي قراتشاي - تشيركيسيا إسماعيل بيردييف، على الحاجة الإجبارية لعملية عسكرية خاصة في أوكرانيا إذ قال في هذا الشأن إن"الأمة الإسلامية والمسيحية ترى هذا الأمر بنفس الطريقة. أينما يُقتل الأبرياء، كارثة. يجب أن نساعد الناس وننقذهم من الأشرار وقطاع الطرق. علينا جميعاً الآن أن نصلي من أجل أن يعطي الله العقل لهؤلاء المجرومين الموجودين في أوكرانيا. تم تحذيرهم فإذا ألقوا أسلحتهم، فلن يمسهم أحد ولهم الآمان. وأولئك الذين يحملون أسلحة في أيديهم، بالطبع، يجب أن يعاقبوا. من يقتل شخصاً بريئاً - يقتل البشرية جمعاء. هكذا تقول جميع الأديان المسيحية والإسلام على حد سواء"، داعياً الله سبحانه وتعالى ان يوفق وينصر ويحمى الجنود الروس، الذين يقومون الآن بواجبهم تجاه الوطن الأم.

 

 إسماعيل بيردييف: قوة بلادنا في شعبها متعدد القوميات

 

 

ومع هذا الطرح تضامن رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا، المفتي الأعلى لروسيا، طلعت تاج الدين، الذي نُشرت وثيقة تحمل نوقيعه، تعبر عن موقف الإدارة الدينية المركزية من الأحداث في أوكرانيا. العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا إجراء ضروري. هذه هي جمهوريتنا الشقيقة التي عشنا معها سوياً منذ قرون. لا أحد سعيد بالحرب، لأن شعوبنا قد رأت بالفعل مدى فظاعة الحرب. التاريخ ينتقل من جيل إلى جيل. لقد رأينا خلال 8 سنوات كيف حاولت قيادة أوكرانيا والعالم الغربي القيام بإبادة جماعية وإحياء الفاشية. تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ذلك في جميع المؤتمرات والاجتماعات. بذلت روسيا كل ما في وسعها لحل الوضع بالوسائل السياسية السلمية. وتقول الوثيقة إن إجراء عملية عسكرية أصبح هو السبيل الوحيد لإنقاذ سكان دونباس الذين يتعرضون للإهانة والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف.

 

 إسماعيل بيردييف: قوة بلادنا في شعبها متعدد القوميات

 


وفقًا لتاج الدين، فإن روسيا، بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، لا تضع لنفسها مهمة احتلال أراضي أوكرانيا، ولكنها تعمل من أجل "الدفاع عن النفس ضد التهديدات التي يشكلها أولئك الذين أخذوا أوكرانيا كرهينة، ويحاولون استخدامها ضد بلدنا". كما أدانت الإدارة الروحية بالإجماع الدول الغربية التي "تحاول إقامة نظام عالمي جيوسياسي خاص بها، تاركة بؤر الإرهابيين والتطرف يلعبون في كل مكان".


نيابة عن ملايين المسلمين الروس، أعربت الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا، برئاسة طلعت تاج الدين، عن امتنانها للرئيس فلاديمير بوتين لاعترافه باستقلال جمهوريتيّ لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، ودعمهما الكامل للعملية العسكرية الجارية في أوكرانيا. وقال طلعت تاج الدين: "لا يمكننا السماح بظهور الفاشية على أراضي مقابر أسلافنا. عندما يضع حلف شمال الأطلسي، الـ ناتو، صواريخه بالقرب من حدودنا، فإن هذا أمر غير مقبول. نعتقد أن للعملية العسكرية الخاصة ما يبررها لأن قيادة أوكرانيا لم تكن تريد أن تسمع من حكومتنا. إن قواتنا الموجودة الآن في أوكرانيا بالتأكيد لا تريد إحتلالها، لكن هي إلى قوات لوغانسك ودونيتسك العسكرية ينقذون شعب أوكرانيا من النازيين، الذين يريدون بناءً على أوامر أسيادهم الغربيين أن يجعلوا أوكرانيا نقطة انطلاق لشن هجوما على روسيا".


كما أعرب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي تتارستان، المفتي كامل ساميغولين، عن دعمه لموقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبحسب مفتي تتارستان، فإن الموقف الحالي للغرب يتخلله النفاق والمعايير المزدوجة، لأنه عندما هُوجم العراق وليبيا وفلسطين لم يتم إدانة الجناة والتزم الغرب الجماعي الصمت.

 

 إسماعيل بيردييف: قوة بلادنا في شعبها متعدد القوميات

 


لم يبدأ الصراع في أوكرانيا الأسبوع الماضي، فهو يمتد لسنوات، منذ 8 سنوات و حتى الآن. نتيجة الانقلاب، انتهى الأمر بأوكرانيا في قبضة النازيين الجدد. يعاني ممثلو جميع الأديان، بما في ذلك المسلمون، من أفعالهم اللاإنسانية. سوف نصلي ونأمل أن ينتهي هذا الآن. نحن نشارك ألم كل المتضررين من المحن، وندعو إلى الدعاء من أجل السلام والطمأنينة والازدهار في جميع أنحاء العالم. وأوضح مفتي تتارستان أن قيادة البلاد اتخذت قراراً وعلينا الآن أن نتحد في مواجهة التحديات، التي يتعين علينا مواجهتها. كما حث المفتي كامل ساميغولين على عدم تصديق المعلومات التي لم يتم التحقق منها وعدم نشرها.


انضم ألبير كرجانوف، رئيس الجمعية الدينية لمسلمي روسيا، إلى كلمات زملائه، إذ نوّه بأن روسيا كانت، وطوال 8 سنوات، تنتظر بصبر بعض التغييرات في الوضع في دونباس وخطوات من قبل السلطات الأوكرانية. ومع ذلك، فضّل المجتمع الدولي غض أبصاره عن الفظائع والاعتداءات المستمرة .

 

 إسماعيل بيردييف: قوة بلادنا في شعبها متعدد القوميات

 


وعبر عن رأيه كرجانوف بالقول:" نحن نراقب الوضع الذي كان يحدث في دونباس في السنوات الأخيرة بألم في قلوبنا، وحاولنا قدر الإمكان تقديم نوع من المساعدة، لكنها كانت متواضعة بالطبع. هذه الظروف الصعبة للأطفال وكبار السن تثير قلقاً مستمراً لدينا، وهذا كله يحدث في القرن الـ 21، عندما يتم الإعلان عن "حقوق الإنسان" من المنابر العليا للمنظمات الدولية. لكن لسبب غير معروف لا ينتبه المجتمع الدولي لهذا الأمر".


وفقًا لألبير كرجانوف فإن الغرب، من خلال أفعاله، يجبر روسيا على اتخاذ القرار الصائب الوحيد الذي يتوافق مع رأي المجتمع الروسي والخبراء. وأضاف:"نحن المسلمون الروس، ندعو الله تعالى عز وجل أن يبعث السلام والوئام والتفاهم إلى كل من يتخذ القرارات، وأن يبعد الله البشرية عن المتاعب والمعاناة، وأيضاً ينهي التعامل الوحشي والاهانة للبشر في العالم والى الأبد".

 

 


في الوقت نفسه، أولى اهتماماً خاصاً لواقع يتمثل في أنه بات من الصعب جداً اليوم العثور على الحقيقة، إذ يتم نشر الأخبار المزيفة على نطاق واسع وتم حظر شبكات التواصل الاجتماعي عن المعلومات الروسية، مما يجعل من الممكن والسهل التلاعب بتفوق بالوعي البشري.


انعكست آراء القادة المسلمين الروس فيما يتعلق بالوضع الصعب في أوكرانيا ليس فقط في تصريحاتهم الشخصية ومواقفهم، ولكن أيضاً في الخطاب الجماعي لقادة المنظمات الدينية الإسلامية، الذي عبر فيه جميع المشاركين في المؤتمر عن موقفهم تجاه روسيا ،وعبروا كذلك عن أملهم بان تنتهي العملية العسكرية في أوكرانيا في اقرب وقت ممكن. 


كانت هناك العديد من الأوقات الصعبة في تاريخ روسيا الممتد لقرون، لكن بغض النظر عن الصعوبات التي نواجهها، فقد نجح شعبنا دائماً في التغلب عليها. تؤكد أحداث اليوم أن قوة بلادنا تكمن على وجه التحديد في شعبها متعدد القوميات وفي وحدة الناس وحبهم الذي لا مثيل له للوطن الأم. لطالما كانت روسيا غنية بأناس مخلصين وأتقياء قوي الإرادة دافعوا ببسالة، متببعين تعاليم الإسلام، بالتاكيد سيقهروا العدو وسيصدوه.


اليوم، العديد من المسلمين من مناطق مختلفة من روسيا في صفوف قواتنا المسلحة في دونباس يحفظوا السلام والأمن والرفاهية للناس.


ونورد هنا أيضاً مقتطفات من كلمة بيردييف التي قال فيها: "في هذا اليوم، نشيد بأبناء وطننا الشجعان، الذين في الأوقات الصعبة يضعون مصالح الناس فوق مصالحهم. نريد أيضاً أن نعرب عن امتناننا واحترامنا للآباء والأمهات على تربية هؤلاء الأبناء، الذين تفتخر بهم كل روسيا. ليس لدي أدنى شك في أن أُسَر الجنود الذين سقطوا ضحايا الحرب سيحاطون بالرعاية الشاملة من الدولة والمجتمع".


كما أكد مفتي قراتشاي تشيركيسيا خلال حديثه أن الوضع في العالم متوتر جدا واشتداد العداء والمواجهة، إضافة إلى الضغوط الإعلامية والاقتصادية على روسيا من دول "الغرب الجماعي"، التي تستخدم الوضع في أوكرانيا للتمييز العلني ضد المواطنين الروس، ولممارسة الضغط السياسي لأغراضهم الأنانية الخاصة.


و تلخصت كلمة رئيس المركز التنسيقي لمسلمي شمال القوقاز بالجمل التالية:" نحن، ممثلي المنظمات الدينية الإسلامية الرئيسية في روسيا، نعبر عن دعمنا لقيادة بلادنا والموافقة الكاملة على مفهوم العقيدة العسكرية الروسية على أنها دفاعية. القوميون، الذين يُزعم أنهم يمثلون الشعب الأوكراني، انتهكوا باستمرار لمدة 8 سنوات معاهدة "مينسك"، التي روسيا طرف فيها، وكانوا يستعدون لتدميرها بالكامل. وكانت القيادة الأوكرانية تقتل المدنيين منذ 8 سنوات ثم تنوي تدمير جمهوريتيّ لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، من أجل تقريب حلف شمال الأطلسي، الـ ناتو، بأسلحة نووية وبيولوجية من حدود روسيا ذاتها، ما من شأنه أن يخلق تهديداً مباشراً لأمن بلدنا بأكمله وجميع مواطنينا على حد سواء. نحن نعلم كيف أن "الغرب الجماعي" بشكل غير قانوني ولا إنساني، ينتهك كل الأعراف الأخلاقية والقانونية، حيث قام بتدمير دول مثل العراق وليبيا وسوريا. وبالتالي فإن "اقترابه من ديارنا" ليس تهديداً نظرياً، بل هو تهديد عسكري مباشر. لذلك، فإن الضربة الوقائية الروسية، التي تأتي في عصر استخدام اسلحة الدمار الشامل في سبيل منع تكرار عام 1941، هي طريقة قانونية ومبررة أخلاقياً للسياسة الدفاعية.


وذكّر إسماعيل بيردييف الجمهور بكلمات مفتي الهيئة الدينية المحمدية في أورنبورغ، محمديار سلطانوف، التي أكد من خلالها على أنه طوال تاريخ وجود الدولة الروسية، كان المسلمون دائماً صفاً واحداً مع شعب بلدهم ووطنهم، يدافعون عنه ويظهرون حبهم له.


وكانت مخرجات المؤتمر هو تبني فتوى:" عن الذين استشهدوا في الدفاع عن الوطن والمدنيين خلال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لإجبار المعتدي على السلام". ومن بين الذين وقّعوا على الوثيقة مفتي جمهورية تتارستان - كميل ساميغولين، ومفتي منطقة ساراتوف - موكداس بيبارسوف، ومفتي جمهورية موردوفيا - فهيم شافييف، ونائب الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية القرم وسيفاستوبول - أسدالله بايروف.


وبحسب الفتوى المقرة فإن جميع المشاركين وضيوف المؤتمر، وكذلك من وقّعوا الوثيقة، يؤكدون أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لإرغام المعتدي على السلام هي إجراء دفاعي ووقائي قسري، من أجل حماية روسيا و جميع مواطنيها من التهديد الحقيقي باستخدام الأسلحة النووية والبيولوجية من الـ ناتو و "الغرب الجماعي". بناءً على نص القرآن وسنة الرسول محمد، وكذلك بناءً على توافق العلماء على مكانة الشهداء، فقد تقرر اعتبار أن جميع المسلمين الذين قتلوا في سبيل الله وهم يؤدون واجبهم في حماية وطنهم وإخوتهم المواطنون هم شهداء.


كما جاء في الفتوى".... وفي الوقت نفسه، نحن نحترم إحتراماً عميقاً كل ممثلي الديانات الأخرى في روسيا، الذين فقدوا أرواحهم أثناء أداء واجبهم لحماية وطننا الأم ومواطنيها، ونعتقد أن الله سيكافأهم أيضاً. ندعو جميع مسلمي روسيا إلى تعزيز الوحدة والدفاع، والشرح بشكل أكثر فعالية عن موقفهم ومصالح وطنهم في التواصل مع مسلمي البلدان الأخرى لصد كل أولئك الذين يحاولون تشويه سمعة أشقائنا".


بعد انتهاء المؤتمر، أقيمت صلاة الجماعة في مسجد فلاديكافكاز المركزي على جميع المشاركين في العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا والذين ماتوا فيها.

 

إلميرا جافياتولينا