يفتتح مؤتمر آسيا الوسطى الرابع لنادي "فالداي" الدولي للمناقشة اليوم الثلاثاء 14 مايو/أيار 2024، في مدينة أوفا الروسية، ويناقش خبراء من مختلف البلدان ومسؤولون روس آفاق روسيا وآسيا الوسطى في مكافحة التطرف، وتحديد الحلول المحتملة ذات المنفعة المتبادلة بشأن قضايا الهجرة، ومعالجة التحديات البيئية المشتركة.
وسيستمر اجتماع الخبراء في أوفا، عاصمة جمهورية باشكورتوستان، لمدة يومين ويختتم بمناقشة مفتوحة، ومن المنتظر أن يتحدث في افتتاح المؤتمر رئيس الجمهورية - راضي خابيروف، ونائب وزير الخارجية الروسي - ميخائيل غالوزين، كما ومن المتوقع كذلك أن يحدد المسؤولون أسلوب الجلسات الأربع اللاحقة، والتي ستغطي جميع مجالات الحوار الاستراتيجي بين روسيا وآسيا الوسطى - بدءاً من مواجهة التهديدات المتطرفة ومناقشات الهجرة إلى الوضع البيئي في منطقة بحر الآرال وزيادة الاستثمارات في المنطقة.
ووفقاً لـ رئيس مجلس إدارة مؤسسة التنمية والدعم لنادي "فالداي" الدولي للمناقشة - أندري بيستريتسكي، فإن جدول أعمال المؤتمر الموسع مصمم لتتبع "ديناميكيات التنمية في المنطقة واندماجها في التكوين العالمي".
وأكد بيستريتسكي "أن موضوع الأمن والثقة والتعاون يقع في قلب نقاشنا، ويهتم المؤتمر في المقام الأول بالتعاون بين النخب السياسية وسكان بلداننا، وبالتالي يتطرق حتماً إلى مكافحة الإرهاب وضمان الأمن المستدام الشامل للجميع".
حول الخدمة والثقة
من الممكن أن تصبح موضوعات الأمن والهجرة محورية خلال هذه الجولة من الاجتماعات، خاصة وأن مؤتمر "فالداي" لآسيا الوسطى هذا العام يعقد بعد شهر من الأحداث المأساوية التي شهدتها قاعة "كروكوس"، والتي أودت بحياة 144 شخصاً. ويعتقد الخبراء أن هذا العمل الإرهابي زاد من الحاجة إلى التنسيق السريع بين روسيا وشركائها في آسيا الوسطى بشأن أنشطة مكافحة الإرهاب، وبعد عدة مشاورات - سواء كانت اتصالات ثنائية بين الدول أو مناقشات أوسع نطاقاً لرابطة الدول المستقلة - أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الطاجيكستاني - إمام علي رحمون في محادثات في الكريملِن يوم 9 مايو الجاري إلى أن التعاون بين أجهزة الاستخبارات للبلدين في الرد على التهديدات الإرهابية المشتركة أمر ضروري وراسخ، ومن المتوقع إجراء تقييمات الخبراء الأولية في هذا المجال في مؤتمر "فالداي".
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أيضاً أن تتم معالجة قضية الهجرة الحساسة. وكما توافق الرئيسان الروسي والطاجيكستاني في وقت سابق، فإن الإدارات المعنية في موسكو ودوشنبه ستجري في القريب العاجل مفاوضات حول قضايا هجرة العمالة، كما شدد الرئيسان على الحاجة إلى اتخاذ تدابير فعالة لمعالجة المشاكل الناشئة في مجال الهجرة.
إلى ذلك يرى مراقبون أنه ستتسنى للخبراء الروس والدوليين تقديم عدة توصيات بشأن هذه المسألة خلال المناقشات في أوفا، إذ وتهدف الجلستان الثانية والثالثة، اللتان تركزان على قضايا الأمن وهجرة اليد العاملة، إلى تحفيز التحليل العملي علماً أنه من المقرر عقد هاتين الجلستين خلف أبواب مغلقة لتشجيع المزيد من المناقشات الصريحة.
وأوضح بيستريتسكي أنه "في كثير من الأحيان، يؤثر الانفتاح والدعاية على طبيعة البيانات، وقد يتردد الناس في التحدث بصراحة والكشف عن القضايا الحساسة، ليس لدينا أوهام بأن العالم بسيط وأن جميع المشاكل يمكن حلها من خلال بضع مناقشات. ولكن لسوء الحظ، لا. فإن العديد من القضايا تتطلب جهداً كبيراً ومحادثات معقدة وحساسة في كثير من الأحيان لتعزيز فعالية هذه المحادثات وصراحة وبناءها، ولن تكون جميع جلساتنا مفتوحة".
تحليل التحديات
كما ومن المتوقع أن تكون كتلة القضايا البيئية والاقتصادية في المناقشة كثيفة بنفس القدر، حيث تعمل روسيا حالياً على مشروع للمساعدة في التغلب على الوضع البيئي في المنطقة، فضلاً عن زيادة الاستثمارات وحجم التجارة الثنائية في منطقة آسيا الوسطى.
ويعتقد أندري بيستريتسكي أن دول آسيا الوسطى أصبحت منصات استثمارية جذابة بشكل متزايد وسط العقوبات ضد روسيا، مما يعني "أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في العلاقات بين الدول، وفهم آفاق التنمية بطريقة جديدة، والتطلع إلى المستقبل معا".
وفي الفترة التي سبقت المؤتمر، ذكّر أندري بيستريتسكي أيضاً بالعوامل السياسية الخارجية المدمرة التي لا يمكن التغاضي عنها عند تحليل الوضع الحالي في آسيا الوسطى، إذ قال في هذا الصدد "إننا نرى أن الغرب الجماعي، وفي المقام الأول الولايات المتحدة، يحاول إيذاء روسيا أينما استطاع. إنه يسعى جاهداً للحفاظ على مكانته الرائدة في العالم. ومن الواضح أن هذا المسعى عقيم ولن ينجح، إلا أن هذا الغرب يواصل تحقيق مكاسب هائلة، بالجهود المبذولة للضغط على نخب دول آسيا الوسطى، وعرقلة تعاملاتها مع روسيا، وترهيب هذه النخب، وفرض مجتمعها، وما إلى ذلك، وللأسف، هذا هو الواقع".
النطاق الباشكيري
من الجدير بالذكر أن مكان انعقاد المؤتمر هذا العام هو عاصمة جمهورية باشكورتوستان، وتعتبر هذه الجمهورية من أقرب مناطق روسيا إلى آسيا الوسطى من حيث الجغرافيا والثقافة والاقتصاد، وتصنف دول آسيا الوسطى باستمرار بين الشركاء التجاريين العشرة الأوائل للمنطقة، وتستمر في زيادة التجارة مع المنطقة على الرغم من العقوبات.
وخلص بيستريتسكي إلى القول إن "هذا مكان تاريخي مذهل حيث تشابكت مصائر العديد من الشعوب على مدى آلاف السنين، وإنه أمر مثير للاهتمام للغاية، ولهذا السبب يسعدنا أن نقدم لزملائنا من آسيا الوسطى فرصة التعرف على مدن مختلفة في روسيا والشعور العلاقة بين روسيا وآسيا الوسطى واضحة بشكل خاص في أماكن مثل مدينة أوفا.
هذا وستكون مدينة أوفا أيضاً ذكرى لا تُنسى بالنسبة للوفود الرائعة من المشاركين في المؤتمر، ومن بين الخبراء الدوليين سيكون هناك علماء ليس فقط من دول آسيا الوسطى الخمس ولكن أيضاً من الصين والهند، ومن الجانب الروسي، سيشتمل الوفد المشارك على مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة - فاسيلي كاشين،، ورئيسة قطاع دراسات ما بعد الاتحاد السوفيتي في IMEMO RAN - إيلينا كوزمينا، وزميل باحث في IMI MGIMO وأستاذ مشارك في جامعة ولاية تومسك - أرتيم دانكوف.
مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Photo: Lesnoy Volk/Creative
Commons 2.0
المصدر: تاس