وللمرة الثانية، انعقد المنتدى العالمي السادس للدبلوماسيين الشباب في عاصمة الجمهورية، بمشاركة 130 مندوبا من 40 دولة، وجمع المنتدى العالمي السادس للدبلوماسيين الشباب، الذي عُقِد في حديقة بشير رامييف لتكنولوجيا المعلومات في قازان، وزراء الخارجية والدبلوماسيين الشباب وغيرهم من المشاركين الذين ركزوا على مناقشة العلاقات العالمية في وضعنا الجيوسياسي الحديث.
وأشار قسطنطين كولباكوف، رئيس مجلس الدبلوماسيين الشباب ومدير المنتدى في نفس الوقت، إلى ان "الدبلوماسية هي واحدة من أقدم المهن، واليوم نحن موجودون في أحد أحدث المباني في قازان، حيث يتم تطوير تكنولوجيا المعلومات، وهو مجمع بشير راميف لتكنولوجيا المعلومات. انا واثق من ان هذا اللقاء ينمحنا فرصة التعرف على بعض وفهم بعض ومعرفة ماهي العلاقات الدولية والصداقة وكيف يمكن للدبلوماسيين الشباب المساهمة في أن يصبح عالمنا أكثر انفتاحا ويقوم على مبادئ المساواة".
وأعرب عن أمله في أن يساعد المنتدى العالمي للدبلوماسيين الشباب في تحسين العالم وجعله أكثر تعدد الأوجه والأقطاب. وكان الموضوع الرئيسي للجلسة العامة هو مناقشة هذه القضية بالذات. وفي وقت لاحق، تم قراءة تحية وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، والتي أشار فيها إلى أهمية موضوع المنتدى الحالي، "الدبلوماسية في عالم جديد متعدد الأقطاب"، وأنه في ظل عدم الاستقرار الجيوسياسي الحالي، فإنن من الصعب المبالغة في تقدير الجهود الرامية إلى توسيع التفاهم المتبادل. وأضاف أن تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب هو عملية طويلة الأمد تتطلب إضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، مع مراعاة أعراف القانون الدولي وتنوع الثقافات والحضارات.
يُعقد المنتدى العالمي فيعاصمة جمهورية تتارستان - مدينة قازان للمرة الثانية. وعلى الرغم من أن معظم الدول ترفض التعاون مع روسيا لأسباب واضحة، إلا أنه جاء 130 مندوباً من 40 مختلف بقاع العالم إلى عاصمة الجمهورية، بما في ذلك دول مثل بيلاروسيا وتركيا وأذربيجان وبوركينا فاسو والجابون وغامبيا وإندونيسيا وإيران وكازاخستان وليبيا ومدغشقر وغيرها .
وقال وزير شؤون الشباب في الجمهورية، رينات صاديكوف، في افتتاح الجلسة العامة: "إن تعزيز التعاون الدولي بين الشباب هو الاتجاه الرئيسي لسياسة الشباب في تتارستان"، مؤكدا أن تتارستان تاريخياً كانت جسراً بين أوروبا وآسيا، وأن 175 قومية تعيش في سلام ووئام على أراضيها، ويبلغ عدد الشباب في الجمهورية أكثر من مليون شخص. وأشار الوزير إلى أن الجمهورية وعاصمتها تصبحان سنويا مستضيفتين للأحداث الدولية الكبرى التي يشارك فيها الشباب. في العام الماضي وحده، أقيمت فعاليات بمشاركة ممثلين عن 70 دولة مختلفة.
وأضاف أنه "على مر السنين، اجتذبت قازان مراراً الأحداث الشبابية العالمية، بما في ذلك مجموعة الـ "بريكس" ومنظمة "شانغهاي" للتعاون والمنتديات الروسية - الصينية. وكان العام الماضي عام شباب عاصمة منظمة التعاون لإسلامي . أما بالنسبة لمنتدى الدبلوماسيين الشباب، فهو حدث استثنائي. فرصة للمتخصصين من جميع أنحاء العالم للالتقاء في إطار غير رسمي. الجميع يدرك أن الشباب هم مستقبل بلداننا والمجتمع العالمي بأسره. ومن المهم أن نجد دائمًا طرقًا للتأثير على السياسة الخارجية من أجل جعلها أكثر إبداعاً وأكثر تركيزاً على المصالح الوطنية، وبطبيعة الحال، أكثر بنّاءة، لأن الدبلوماسية تهدف إلى التوصل إلى اتفاقات وتسويات".
كما ألقى ستانيسلاف كوروليف، نائب الأمين العام لمجلس الشعوب الأوراسية، كلمته التي أشار فيها الى أن الدبلوماسية رافقت البشرية منذ العصور القديمة. وأنه في مساحات أوراسيا، عاشت دائماً شعوب مختلفة وتشكلت دولا مختلفة ذات حدود متغيرة باستمرار.
وتساءل كووليف: "ماذا تعني العلاقات الدولية؟ هذه ليست مجرد مهنة، ولكنها أيضاً علاقات بين الناس. لقد كانت موجودة منذ ظهور الناس وكانت هناك حاجة إلى الجوار. لقد تقاسموا، ودخلوا في صراعات، ووجدوا اتفاقيات. ومع ذلك، ظلت أوراسيا دائمًا كما هي موحدة".
من المعتاد اليوم تقسيم أوروبا وآسيا. وتتكون الكتلة الغربية، كما أشار كوروليف، من 38 دولة والشرقية من 150. ووفقا لنائب الأمين العام لمجلس الشعوب الأوراسي، فإن مثل هذا التقسيم مؤقت، لأن الجوار لن يختفي أبدا، وسوف تهدأ الصراعات.
وقال كوروليف في هذا الصدد إن "الإنسان يسعى جاهداً من أجل السلام، وهذا في طبيعته. إنه يسعى جاهداً من أجل الرفاهية. على الرغم من عيوبه وعدوانيته في بعض الأحيان. فقط تذكر جيرانك. ربما كل شخص لديه قصص عن الخلافات. الأمر نفسه ينطبق على الدول. عندما الإنسان يمرض هو يقاوم وليس فقط يموت. وهكذا مع الأنظمة ينطبق الأمر، والسؤال يكمن في كيف يكيون في اي شكل ؟ لهذا وجدت الدبلوماسية تقوم بذلك".
وشارك أليكسي توكاريف، المعيد في معهد الدراسات الدولية في معهد "موسكو" الحكومي للعلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية، أفكاره حول مستقبل الدبلوماسية الروسية، منوّهاً بأنه على ورغم أنه ليس دبلوماسياً إلا أنه وعد بأن يكون صريحاً، إذ يرى المتحدث أن دبلوماسية روسيا ستكون عالمية، كما هو مكتوب في الوثائق العقائدية. علاوة على ذلك، كان الروس مهتمين دائمًا بالسياسة العالمية.
وقال توكاريف لكنه لم يؤكد بأي مثال إنهم " في الغرب غالباً ما يقولون إن الكريملِن يسيطر علينا جميعًا. ولكن العكس هو الصحيح، فالقادة هم الذين يسترشدون بما يهم مواطنينا. أنت تعيش في قرية، ما الذي يهمك في الانتخابات الأمريكية؟ قليل من الناس يعرفون عن قرية مالكوفو في إقليم كامتشاتكا. السكان مهتمون حقاً بما يحدث على الجانب الآخر من المحيط".
وأضاف: "لكن زملاؤنا الغربيون لا يريدون أن ننخرط في السياسة الداخلية. يقولون، كل شيء سيء في بلدكم ، حسّنوا اوضاعكم. لكن الأمر أشبه بأن تقول لأفضل لاعب في العالم ميسي أنت تلعب بغباء، علماً أن ميسي يلعب ببراعة. ستبقى روسيا لاعبا نشطاً في السياسة العالمية لأنها هذا مدوّن في قناعاتنا".
أما نيكولاي ماكاروف، مدير إدارة تخطيط السياسة الخارجية بوزارة الخارجية الروسية، فتحدث مواصلاً ما أشار إليه زميله، وذلك بالتنويه بأن الولايات المتحدة والدول الأوروبية، المصنفة حلفائها، تعمل جاهدة لإبطاء عملية إرساء الديمقراطية في العلاقات الدولية.
وعلق ماكاروف: " في الوقت الحاضر، وفي محاولة لتحقيق الهيمنة العالمية وفرض إرادتها على معظم دول العالم، تبذل الدول الغربية قصارى جهدها لإبطاء تطور العلاقات الدولية الديمقراطية. وفي هذا السياق، فإن واشنطن وحلفائها في الغرب يبذلون قصارى جهدهم لإبطاء تطور العلاقات الدولية الديمقراطية. "إنهم يسعون جاهدين لاستبدال قواعد القانون الدولي المعترف بها عمومًا، وفي المقام الأول المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، بنظامهم المتمركز في الغرب، والذي يعتمد على قواعدهم الراسخة. وقد تمت صياغة هذه القواعد لمصالحهم الخاصة ذات التركيز الضيق".
وشدد في الوقت نفسه على أن فلسفة التعددية القطبية تكمن وراء السياسة الخارجية الروسية. ويسمح تطبيق هذا المفهوم لروسيا بتطوير وتعزيز العلاقات المتعددة الأوجه مع دول الجنوب والشرق، والتي تشكل مجتمعة حوالي 85% من إجمالي سكان الكوكب .
كما لفت ماكاروف بحديثه إلى أنه "يكفي إلقاء نظرة على الخريطة الجغرافية لفهم أنه لا يوجد شك بشأن أي عزلة دولية لروسيا ولا يمكن أن تكون كذلك"، مشدداً على أن روسيا ستواصل المساهمة في تعزيز بنية النظام العالمي القائم على التعددية القطبية. وشدد على أهمية تكييف المنظمة العالمية مع الحقائق المتغيرة في العالم.
وخلص نيكولاي ماكاروف إلى أن "هذا ينطبق أيضاً على عملية إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث ينبغي أخذ مصالح الدول النامية في آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية في الاعتبار في المقام الأول".
ومن بين المشاركين في الجلسة العامة غريغوري زاسلافسكي، عميد المعهد الروسي للفنون المسرحية الذي لطالما أكد على أن الغرب يسعى إلى استبعاد روسيا من المسرح العالمي.
وعلق زاسلافسكي قائلا:"لقد صادف هذا العام زيارة المهرجان الذي تم تنظيمه في بولغار. لقد كان حدثاً واسع النطاق بمشاركة دولية. وفي ظل ظروف عدم الاستقرار ومحاولات الغرب لاستبعاد الثقافة الروسية، أصيب كل واحد منا بالصدمة. لكنني أستطيع بثقة التأكي من المستحيل رفض ثقافتنا. ومثل هذه الأمثلة تسمح لنا بتعزيز هذا الرأي".
وكحجة إضافية، شارك تجربته في مقابلة معلمين من أكاديمية المسرح الملكية النرويجية، عندما سئل عن الطريقة التي يستخدمونها للتدريس، أجابه المحاورون أنه لا يوجد من يتفوق على المسرحي والمخرج والممثل والمعلم الروسي - السوفييتي - قسطنطين ستانسلافسكي.
وأكد رئيس الجامعة "وليس لديهم أي شيء آخر. وهذا يتيح لنا أن نشعر بالثقة في المستقبل وفي الترويج للثقافة الروسية في جميع أنحاء العالم"، مضيفاً أن عدد قليل من الطلاب يدرسون في جامعته مقارنة بجامعات تاريخ الفن العالمية الأخرى - حوالي 1.9 ألف شخص فقط. ومع ذلك، فإن جغرافية الطلاب متنوعة: من بينهم ممثلون عن إستونيا وأوكرانيا ولاتفيا وجورجيا ودول أخرى. حاليا، تعمل الجامعة على تعزيز العلاقات مع الدول الافريقية.
إلى ذلك يُذكر أن مشروع "عالم الفرص" التابع لحزب "روسيا الموحدة" ترك انطباعاً إيجابياً للغاية من خلال عرض المنسق- رومان رومانوف، كما تم تنظيم لقاء دولي في أحد أشهر معسكرات الأطفال "آرتيك" خلال الفترة من 15 يوليو/تموز الماضي إلى 5 أغسطس/آب الجاري. جاء حوالي 3.2 ألف طفل من أكثر من 50 دولة حول العالم إلى شواطئ البحر الأسود في شبه جزيرة القرم.
وأشار المتحدث إلى أن من بين المشاركين في البرنامج الدولي أطفال فازوا بالعمل الدولي "شعب آرتيك" الذي أقيم ضمن برنامج "نادي أصدقاء روسيا" بدعم من حزب "روسيا الموحدة". ومن بين هؤلاء الطلاب، طلاب من أبخازيا وأرمينيا وبيلاروسيا ومصر والهند وقيرغيزستان ولبنان ومنغوليا وأوزبكستان وأوسيتيا الجنوبية.
كما شارك رومان رومانوف معلومات حول حدث آخر، وهو افتتاح نصب تذكاري لسامانثا سميث، وهي طفلة من الولايات المتحدة - كانت في العاشرة من عمرها في حينه - توجهت في عام 1982 بخطاب للأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي يوري أندروبوف، تساءلت من خلاله عن أسباب العلاقات غير الودية بين الدول، فكان الرد على التماسها هو الدعوة إلى الاتحاد السوفييتي. وهكذا بدأ مفهوم "دبلوماسية الأطفال" في الظهور، وأصبحت سامانثا سميث سفيرة معروفة للسلام.
وأكد رومانوف بالقول "نحن نعتزم مواصلة عمل "شعب آرتيك" في عام 2024، وندعو الطلاب الأجانب لتعلم كيفية فهم روسيا وتكوين صداقات معها".
ويستمر المنتدى العالمي للدبلوماسيين الشباب حتى 21 أغسطس/آب الجاري. وفي إطار هذا الحدث، من المقرر إقامة حفل رسمي لدخول الأعضاء الجدد في الرابطة الدولية للدبلوماسيين الشباب، فضلا عن المشاورات الثنائية بين الوفود. وفي اليوم الأخير من المنتدى، سيتم التوقيع على الوثائق النهائية، التي تعكس النهج المشترك لروسيا وشركائها بشأن القضايا الرئيسية على جدول الأعمال الدولي.
مجموعة الرؤية الإستراتجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Photo: gazrock/Pixabay
المصدر: تاس