Ru En

ماذا يقدم النظام المصرفي الإسلامي للعالم؟

٢٣ ديسمبر ٢٠٢١

كيف يجب على الناس بناء علاقات مع بعضهم البعض بعد تطبيق قواعد الشريعة ؟ ما هو المال "الحلال"  ومفهوم "الربا" ؟ في الإسلام ما هو الغرض الأساسي من المال وما هي مزايا إدخال مصرف إسلامي على أراضي روسيا الاتحادية؟


في الآونة الأخيرة، تزايد الاهتمام بتطوير التمويل الإسلامي بشكل كبير بما في ذلك في روسيا. هذا الاهتمام بعيد كل البعد عن الصدفة: إلى يومنا هذا في العالم يجري نظام تطبيق التمويل الإسلامي - ويصل إلى 2 تريليون دولار ويتم التعامل به في أكثر من 70 دولة في العالم ، بما في ذلك العديد من البلدان غير الإسلامية. كما أن معدلات النمو لهذا المجال مشجعة أيضاً، فهي تصل إلى 15-20٪ سنويا وتتجاوز بشكل كبير معدل نمو القطاع المالي التقليدي والذي لا يزيد عن 5٪ سنويا. ومع ذلك وللأسف يمكن الإشارة إلى أن التمويل الإسلامي لا يتوافق دائما مع جميع مبادئ الإسلام.


وأشار محمد تقي عثماني، رئيس مجلس الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية: "إلى أن تصبح الإدارة والمساهمون والعملاء في المصارف الإسلامية على استعداد لقبول الاختلاف في مفهوم أنشطتهم مقارنة بالأنشطة التقليدية، ستستمر المصارف الإسلامية في استخدام مبادئ عمل تختلف عن تعاليم الإسلام ولن يطبق النظام المصرفي الإسلامي الحقيقي".


إذن ما هو النظام المصرفي الإسلامي، وما هو ميزته على النظام الغربي التقليدي؟


روى ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ).


الأحكام الرئيسية التي يقدمها المجتمع الديني هي:


1- إجراء المعاملات الاقتصادية على أساس مبادئ الدقة والأخلاق؛


2- تقاسم المخاطر بين الممولين والعملاء؛


3- القرض يجب أن يعزز موقف المقترض؛


4- ربط التمويل بالقطاع الحقيقي للاقتصاد.


التمويل الإسلامي هو مشاركة سهمية مدعومة بالأصول وفي نفس الوقت تضاف الى مواصفاته بانه نظام أخلاقي ومستقر ثابت ومسؤول اجتماعيا. يتضمن هذا النظام مفهوم تقاسم المخاطر وربط القطاع المالي بالاقتصاد الحقيقي والوصول الشامل إلى الخدمات المالية والرفاه الاجتماعي.


مصادر أرباح المصارف الإسلامية ثلاثة:


1- المشاركة والمضاربة والقرض الحسن؛


المشاركة عبارة عن توحيد رأس المال من أجل التمويل، مع تقسيم الأرباح بنسب معينة. والمضاربة هي اتفاق بين طرفين يعطي أحدهما المال والآخر يدير المشروع. أما القرض الحسن (بمعنى آخر، القرض الخيري) هو قرض بدون فائدة كمساعدة مالية أو إعانة.


2- الاستثمارات طويلة الأجل؛


3- عمولة الأتعاب والتأجير.


بالحديث عن عمولة الأتعاب والعمل، فإننا نعني عقد إتفاق المرابحة بين المصرف والعميل على بيع البضائع بسعر خاص يتضمن هامشاً (الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع).

 

عملية المرابحة المماثلة هي عملية شراء بثمن مؤجل، عندما يشتري المصرف المعدات أو البضائع بناءً على طلب العميل، ثم يبيعها للعميل بسعر متفق عليه بشكل متبادل يتجاوز سعر الشراء، مما يشكل ربحًا للمصرف. يمكن للعميل دفع  المبلغ على أقساط وفي تاريخ محدد مسبقا يُتفق عليه أو دفع المبلغ بالكامل دفعة واحدة.

 

عملية أخرى من هذا النوع هي عملية عقد السَّلَم أو عقد بيع البضائع، عندما يُدفع الثمن مقدماً وتصل البضاعة في لاحقا. يمكن للمصرف استثمار الأموال بعد إستلامها في الإنتاج أو في الأوراق المالية، مما سيتيح له الحصول على دخل معين وهو ربح المصرف من هذه العملية. من الممكن أيضاً الدفع على أقساط، أي أن العميل لا يدفع كامل المبلغ للمصرف دفعة واحدة ولكن على مراحل - على أقساط. وتُعرف هذه العملية في المصارف الإسلامية باسم الاستصناع.


عندما نتحدث عن الإيجار، يعني ذلك الحديث عن التأجير. يحدث هذا عندما يشتري المصرف بطلب من العميل مشروعاً معيناً ويؤجر له من قبل المصرف. نوع من الإجارة هو عقد " إجارة وإقتناء" والفرق الوحيد بينها هو أن العميل يتعهد بشراء العقار المؤجر له من المصرف في نهاية مدة الإيجار.


يمكن تعريف المبدأ الأساسي للمصرف الإسلامي على أنه نظام يلتزم بتعليمات القرآن. على سبيل المثال، يُحرم الإسلام الربا. بالإضافة إلى ذلك، تحظر الفائدة على القروض لأنها تعتبر ربا ولا يمكن تمويل أنواع  من الأعمال التجارية غير الأخلاقية، مثل الكحول ومنتجات التبغ، لأنه يجب أن يرتبط التمويل بأصول حقيقية.


إذاً ما هي مزايا إدخال الصيرفة الإسلامية وما الذي يمكن أن يجلبه من فائدة؟


بادئ ذي بدء، يتعلق الأمر بتعبئة الموارد المالية، خاصة في البلدان ذات مستوى الدخل الفردي المنخفض. هنا، يتم إيلاء اهتمام خاص للعمل مع العملاء الصغار ويلعب المصرف الإسلامي دور الحافز الاجتماعي والتربوي وفي نفس الوقت تمارس الأعمال الاستثمارية، وينطلق منطق الاستثمار في المصارف الإسلامية من مبدأ زيادة المنفعة العامة.


ويولى اهتمام خاص للمشاريع طويلة الأجل التي تحتاجها البلدان النامية. وفي نفس الوقت يجري تمويل المشاريع الصغيرة. يعتمد دخل الودائع على أداء الشركات التي استثمر فيها المصرف أمواله، وبالتالي، يتم إنشاء بيئة استثمارية مواتية وهنا تخصص بشكل فعال الموارد المالية لصالح أكثر قطاعات الاقتصاد ربحية. وكما أشار المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي عباس ميرهور فإن "التمويل وفقًا للنموذج الإسلامي سيمكن من إنهاء اعتماد القطاع الحقيقي على مصالح رأس مال المصارف".


وظيفة أخرى مهمة للغاية للمصرف الإسلامي هي توفير معلومات مفصلة عن عملائه، إلا في الحالات التي يكون فيها هذا سراً تجاريا. بالإضافة إلى ذلك، فإن المصارف  مدعوّة لنشر الأخلاق الإسلامية وتنميتها. بكون المصرف جزءً من النموذج الإسلامي للتنمية الاقتصادية، فإنه يخلق توازناً بين المبادئ المادية والروحية ويسمح لك بالحفاظ على التوازن بين المسؤوليات والحقوق. يجب أن يساهم المصرف الإسلامي ليس فقط في إقامة العدل في المجتمع الإسلامي، بل وكذلك في توحيد المجتمع على أساس فكرة دينية واحدة.

 


إلميرا جافياتولينا