زار المشاركون في مؤتمر مجموعة الرؤية الإستراتجية "روسيا – العالم الإسلامي" المنعقد في العاصمة الماليزية في الـــ 12 من ديسمبر/كانون الأول 2024 المعهد العالمي للفكر والحضارة الإسلامية (إستاك). وكا في استقبال وفد المجموعة الرفيع شخصياً عميد المعهد الأستاذ عبد العزيز برغوت، وقاموا بجولة تفقدية في المؤسسة التعليمية التي كان مركزها الرئيسي المكتبة التي تحمل اسم الشيخ سعيد محمد نقيب العطاس.
مجموعة من الكتب النادرة، منها طبعة فريدة من الأدب الفارسي البارز “الشاهنامة” التي يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر، بالإضافة إلى قرآن كريم مكتوب بخط اليد من القرن الثامن عشر، وهو من أصل ماليزي؛ وقد عرضت أمام وفد المجموعة قطع أثرية مختلفة: أسلحة ودروع من العصرين الصفوي والمغولي، وأحجار الصوان من الجزائر وتركيا والمغرب، والعديد من المعروضات الأخرى.
تضم المكتبة حاليًا، التي تأسست عام 1979، أكثر من 150 ألف مجلد من الكتب.
وتحدث رئيس المعهد عبد العزيز برغوت عن النموذج الفريد للمؤسسة التعليمية، التي تشكلت بفضل التأثير الفكري للشيخ العطاس، الذي دافع عن مفهوم “أسلمة المعرفة”. وهذا يعني أن المدرس المتخصص بعلم معين ، مثل علم الاجتماع، مطالب أيضًا بالحصول على دبلوم في الدراسات الإسلامية. وسيتمكن بعد ذلك من تدريس علم الاجتماع من وجهة نظر الإسلام، وهذا النموذج ينطبق على كافة التخصصات العلمية. وأوصى البروفيسور برغوت زملائه بتبني هذا النموذج لأنفسهم.
وقبل ذلك بيومين، قام أعضاء المجموعة بجولة في المعالم السياحية في العاصمة الماليزية كوالالمبور. بدأ دليل الرحلة بعرض حقائق أساسية عن ماليزيا وعاصمتها.
ماليزيا بلد متعدد الثقافات والأديان، يبلغ عدد سكانها حوالي 33 مليون نسمة. الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد، ويشكل الملايو المسلمون غالبية السكان. كما أن عددًا كبيرًا من السكان هم من الماليزيين من أصل صيني وهندي.
السمة الفريدة لماليزيا هو نظام الحكم فيها. هناك نظام ملكي في البلاد، لكن السلطة ليست موروثة. تقوم تسع عائلات ملكية بانتخاب ملك من بينهم لمدة خمس سنوات. وفي الوقت نفسه، يمكن للسلاطين أن يستعينوا بالملك، مما يضفي على نظام الدولة مقومات الديمقراطية. وملك ماليزيا حاليا هو السلطان إبراهيم اسكندر، الذي خلف السلطان عبد الله رياض الدين المُصطفى.
كما زار المشاركون في الرحلة مقر إقامة الملك - إستانا نيجارا، الذي يعد أحد مناطق الجذب الرئيسية في كوالالمبور. هنا يعقد الملك اجتماعات مع الضيوف من دول أخرى ويؤدي وظائفه العملية. ورغم عدم إمكانية زيارة القصر نفسه، إلا أن المشاركين في الرحلة تمكنوا من التجول في الحديقة المحيطة بالسكن والساحة أمام البوابة الرئيسية - وهو قوس مهيب عملاق مزين بأحرف عربية ذهبية عبارة عن آية من القرآن الكريم.
كوالالمبور هي مدينة عصرية حديثة وحيوية معروفة بجمالها المعماري ومبانيها الشاهقة. وركز الدليل السياحي على برجي بتروناس التوأم الشهيرين – الأطول في العالم (452 مترًا). ترمز هذه الأبراج إلى ثلاث ثقافات مختلفة: الهندسة تعكس الفن الإسلامي، وعدد الطوابق (88) يرتبط بالأرقام الصينية، والصورة الظلية لأعلى المبنى هي سمة من سمات الثقافة الفنية الهندوسية.
كما ذكرنا، ماليزيا دولة متعددة الأديان وتضم أيضًا المسيحية والهندوسية والبوذية والكونفوشيوسية. وذكر الدليل السياحي الأعياد التي يتم الاحتفال بها في البلاد، مثل رأس السنة الصينية وغيرها من الأعياد المعترف بها على أنها أعياد وطنية. وبحسب الدليل، فإن الصينيين في ماليزيا معروفون بثروتهم ويعملون بنشاط على بناء المعابد.
أُعجب المشاركون في الرحلة بالمبنى ذو اللون الأبيض الثلجي لمعبد تيان هاو الصيني، والذي تم تزيين واجهته بصور حيوانات من التقويم الصيني. ولم تكن أقل إثارة زيارة "الهند الصغيرة" - وهي منطقة ذات ثقافة هندية، حيث يمكنك أن تشعر بجو هذا البلد الجميل. تاريخيًا، تم جلب الهنود إلى ماليزيا من قبل المستعمرين البريطانيين للعمل في صناعة المطاط، والتي كانت مرحلة مهمة في تطور البلاد.
وقد زودت الجولة المشاركين بفهم أعمق للتنوع الثقافي والتنمية الاقتصادية في ماليزيا. تشارك الدولة بنشاط في تعدين الذهب والتي لديها زراعة متطورة. تشتهر ماليزيا بنباتاتها وحيواناتها الغنية: حيث تعيش الأفيال والنمور والجيبون، وتغطي الغابة أكثر من نصف مساحة البلاد. تلعب أشجار النخيل وزيت النخيل دوراً مهماً في اقتصاد البلاد، تم جلب الأشجار من قبل البريطانيين من أفريقيا. المناخ هنا استوائي، مع موسم ممطر واحد عندما يكون الطقس غائما بسبب تأثير الرياح الموسمية.
وفي طريق العودة إلى الفندق، تحدث المرشد عن ماضي ماليزيا الاستعماري. حققت كوالالمبور مكانة العاصمة عندما بنى البريطانيون العديد من المباني الإدارية هنا. كما تطرق المرشد السياحي إلى موضوع النضال ضد الاستعمار البريطاني في القرن العشرين، والذي أصبح مقدمة لزيارة معلم الجذب التالي - النصب التذكاري الوطني في كوالالمبور، وهو نصب تذكاري للجنود الذين سقطوا في ماليزيا، مخصص للأبطال الذين ماتوا من أجلهم. البلاد في مقاومة المحتلين اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية وفي فترة النضال من أجل استقلال البلاد عن الإمبراطورية البريطانية
وانتهت الجولة في مركز إنتاج الباتيك، حيث تمكن المشاركون من التعرف على الأقمشة التقليدية وفن صناعتها. ومن المثير للاهتمام أن المرشد السياحي أجاب خلال الحدث على أسئلة حول الوضع الديموغرافي في البلاد. ووفقا له، لوحظ أكبر عدد من الأطفال في الأسر المسلمة.