إن عام 1861 ميلادية أصبح نقطة تحول في حياة الجالية المسلمة في الإمبراطورية المسلمة. وتحديدا بتاريخ 20 من شهر حزيران – يونيو من عام 1861 ميلادية ولد عبد العزيز دافليتشين. وهو الذي تمكن من الجمع بين دراسة المهمة الروحية وبين الخدمة الحكومية العامة.
عبد العزيز دافليتشين أنهى دراستة في مدرسة بافلوفسك العسكرية، وأكاديمية نيكولايفسك للأركان العامة، ودورات ضابط التابعة لإدارة أسيا في وزارة الخارجية. خدم في المناطق القوقازية والتركمنستانية العسكرية. كما أن المستشرق الروسي العسكري تم تكريمه برتبة لواء في عام 1913 ميلادية، حيث أنه كان يجيد التحدث باللغتين العربية والتركية بطلاقة. كما أنه حاصل وسام النجمة الذهبية من الدرجة الثالثة والتي إستلمها من يد حاكم وأمير بخارى سيد
عبد الأحد خان وكذلك وسام القديس ستانيسلاف من الدرجة الأولى.
في العام 1891 ميلادية وفي مدينة جدة، مركز الحجاز (الأراضي الواقعة في غرب الجزيرة العربية، والتي تشمل الأماكن المقدة للمسلمين هي مكة والمدينة)، يتم إفتتاح قنصلية، والتي أصبحت حدثا في حياة ومستقبل دافليتشين.
كما أن نوع من نقطة الإنطلاق أصبحت في العام 1898 ميلادية عندما تم إرسال عبد العزيز بمهمة إلى الحجاز. رسميا، كان هدفه معين وهو أداء فريضة الحج. أما في واقع الحال، كان الضابط بالتوازي يستخدم التعاليم الدينية أثناء إقامته في أراضي المملكة العربية السعودية الحالية والذي كان عليه أن يفهم ما يحدث ما الذي يجري فعليا في تلك المنطقة، التي كانت في ذاك الوقت تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية. وبالإضافة إلى الإمبراطورية الروسية، كانت أنظار فرنسا وإنكلترا تتوجه إلى هناك. ومن الجدير بالذكر أنه وقبل أداء دافليتشين لفريضة الحج كان المسلمين الروس يواجهون العديد من المشاكل في الحجاز. كانت تلك المشاكل تبدأ إنطلاقا من لحظة الخروج من أراضي الإمبراطورية الروسية. كما أن خاجيام كان يمر بإستطنبول. وفي أثناء أخطار الأويئة الحادة لم يعطى الحجاج ولم يسلموا جوازات سفر.
بالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بالوثائق، كان بإنتظار الحجاج المسلمين أخطار أخرى: أثناء تواجدهم على أراضي الإمبراطورية العثمانية، كانوا بدون أية حماية. ويضاف إلى هذا الإخصائص الطبيعية والمناخية، مشاكل المياة والتغذية، وغياب نظام التطعيم الصحي وأعمار الحجاج أنفسهم (كان يتم إرسال معظهم من كبار السن وهم في حالة بدنية ضعيفة).
ومرارا، تم طرح مسألة حظر السفر إلى المشرق العربي. وتم ربط هذا بسببين: تدفق الأموال النقدية من الإمبراطورية الروسية وضرورة تأدية قسم الحجاج للوالي العثماني. وبالتوازي كان يجب على الحاج دافليتشين أن يتعقب كيف أن القوى المحلية التي كانت تعتنق أفكار القومية التركية والإسلامية الذين يتعاملون مع الحجاج على كامل خط مسر الحجاج.
ولذلك، فإن الرحلة إلى الجزيرة العربية كانت مهمة جدا ليس فقط للجزء المسلم في الإمبراطورية الروسية الذين يشكلون 11 % من سكان الدولة، وإنما ايضا للطبقة الحاكمة والقادة. وكان عبد العزيز دافليتشين يقدم التقارير بعد عودته إلى الوطن، والتي أصبحت نقطة إنطلاق لمستقبل الحجاج المسلمين الروس إلى الأماكن المقدسة. وفي هذه الوثيقة كان يسرد العلاقات بين الأراك والسكان المحليين (البدو)، الذين كانوا يعتبرونهم محتلين وكانوا يسعون للإستقلال.
حيث أن التقرير كان يعزز من مقام المستشرق العسكري، الذي كان يزيد من أهميته للدولة والمجتمع بشكل عام. حيث وأن مناقشة هذا التقرير أصبح حدثا تاريخيا هاما لجميع المسلمين في الإمبراطورية الروسية. كما وأصبحت نتيجة الرحلة لتطوير وإدخال "قواعد مؤقتة للحجاج المسلمين" والتي كانت عمليا تساوى بين حق الحجاج للحج في مكة وبين الحجاج المسيحيين في القدس (أورشاليم).
بالإضافة إلى ذلك، فإن دافليتشين كان واحدا من أبرز الشخحصيات السوفياتية للجالية المسلمة لمدينة سانت بطرس بورغ في القرن العشرين – وكان الرئيس الدائم للجنة بناء مسجد سانت بطرس بورغ، في البداية كان نائبا لرئيس الجمعية، وفيما بعد رئيس الجمعية الخيرية الإسلامية. وإذا كان والده عبدالله، قد بنى المسجد الرئيسي في الأورال، فإن ظهور المسجد الرئيسي للإمبراطورية الروسية – يعود الفضل بذلك إلى عبد العزيز دافليتشين. وبعد أن حصل على الإذن والموافقة بجمع الأموال في جميع أنحاء روسيا لبناء مسجد في سانت بطرس بورغ، تقدم بطلب المساعدة إلى حاكم وأمير بخارى سيد عبد الأحد خان، وبتاريخ 03 من شهر تموز – يوليو من عام 1907 ميلادية سمح نيكولاي الثاني لـ سيد عبد الأحد خان بشراء قطعة أرض لبناء المسجد.
أدرك بأن روسيا تعتبر بيئة متعددة القوميات والأديان، أشار دافليتشين إلى أنه من الصعب للغاية الأخذ بعين الإعتبار إلى التنوع القومي والديني لشعوب الإمبراطورية. وبعد إرساله إلى الحجاز في عام 1898 ميلادية، حيث أنه لم ينجز مهمته الرسمية فحسب، وإنما واجبه الديني أيضا.
حيث كان يتم الإستماع لرأيه، ولم يكن غريبا بين الحاضرين. وإذا كان قبل سفره إلى الحجاز كان هناك من 1500 إلى 3000 من الحجاج، فإنه بعد مناقشة تقريره كان عددهم يتزايد. ولم تنظر روسيا إلى المسلمين بأنهم أعداء، كانوا جزءا من الثقافة الروسية، والحضارة الروسية. حيث أشار دافليتشين إلى أن الإسلام – هو جزء من الحضار الروسية. والدليل على ذلك هو أن الضباط المسلمين لعبوا دورا كبيرا في الجيش الروسي، ونالوا إحترام كبير. ومقارنة بالنسر ذو الرأسين كان يوجد هناك نقش مكتوب باللغة العربية التي إستخدمت كرموز خطية في الوثائق الرسمية بدلا من النسر أثناء تواصل وحوار الإمبراطورية مع الحكومات العربية.
إلميرا غافياتوللينا