في سياق جائحة فيروس كورونا العابر للقارات ، الذي يعمل بشكل تدريحي و منهجي على ايقاف حركة العالم ، اصدرت المملكة العربية السعودية امرا لجميع المسلمين الراغبين في اداء فريضة الحج في بيت الله الحرام بان يمتنعوا عن ادائه هذا العام.
بالرغم من إدانة العديد من المسلمين هذه الإجراءات الغير مألوفة ، الا اننا يجب أن نفهم أن اتخاذ مثل هذا القرار مهم لمنع انتشار الفيروس والعناية بصحة الحجاج في الوقت الذي لم يوجد لقاح ضده حتى اليوم، لذا فإن الطريقة الوحيدة الاحترازية التي يمكن للانسان تقليل احتمالية الإصابة به هي بالطبع الحفاظ على عدم التنقلات واللقاءات الجماعية والتجمعات.
إذا رجعنا إلى التاريخ ، يمكننا أن نجد أنه خلال تاريخ طقوس الحج كانت هناك مرات عديدة لم يتمكن المسلمين من اداء الحج، والتي علمتنا شيئا مهما واحدا - ألا نفقد الأمل أبدا، لأنه بعد كل عسرا، هناك أمل في ان ياتي الغد باليسر.
مجزرة عام 865
يقال أن إسماعيل بن يوسف شن في عام 865 هجوما مروعا على مكة. اثناء وقوفه على جبل عرفات أمر بذبح كل الحجاج الذين لا يحصى عددهم ، نتيجة لخلافاته مع الدولة العباسية و كناية بها ، مما اضطرت السلطات إلى تعليق الحج لجميع الحجاج لعام واحد.
الهجوم على مكة عام 930
تقول السجلات التاريخية أن مذبحة 930 الدموية أدت إلى مقتل أكثر من 30.000 حاج والتي قادها أبو طاهر الجنابي زعيم طائفة القرامطة . قتل الجنابي وأتباعه العديد من المسلمين في مكة ، وألقوا جثثهم في بئر ماء زمزم . علاوة على ذلك ، هو وعصابته نهبوا المسجد الحرام ، وأخذوا الحجر الاسود معهم إلى بريطانيا
أدت هذه الحادثة إلى أن الحجاج لم يؤدوا فريضة الحج لمدة عشر سنوات. وعادت جميع أنشطة طقوس الحج إلى طبيعته بعد عودة الحجر الاسود الى الكعبة
على مر السنين ، يعلمنا التاريخ بأن الاختلافات والصراعات السياسية تؤثر على حياة عدد كبير من الناس . ففي عام 938 نشأ صراع بين قوى الخلافة العباسية الحاكمة في العراق وسوريا والخلافة الفاطمية في مصر، والذي ادى الى الغاء طقوس الحج لجميع المسلمين لأكثر من 8 سنوات .
وباء الطاعون - 1831
في عام 1831 ، وصل وباء الطاعون من الهند الى المنطقة وأسفر عن مقتل 75 ٪ من الحجاج. وبسببه اضطرت المملكة إلى تعليق جميع طقوس الحج وخصوصا بعد ارتفاع عدد الوفيات.
وفي الفترة من 1837 إلى 1858 ، تم تعليق الحج ثلاث مرات لجميع الحجاج. في عام 1837 ، تم اكتشاف وباء جديد ، مما ادى الى تمديد الحظر المفروض على الحج لمدة ثلاث سنوات .
وفي عام 1846 تم تعليق جميع أنشطة الحج تقريبا بعد وفاة أكثر من 15000 حاج بسبب تفشي وباء الكوليرا.
وأخيرا والمهم ايضا، الاشارة هنا الى ظهور الكوليرا عام 1858 ، والتي ادت الى وفاة ما يقارب من 90 ألف حاج. وبعد إرسال الحجاج إلى معسكرات الحجر الصحي على ساحل البحر الأحمر في مصر ، اضطرت المملكة العربية السعودية إلى إعادة جدولة جميع أنشطة الحج.