ما هو مصير الإسلام في الشرق الأقصى؟ كيف يعيش المجتمع المسلم المحلي؟ هل الإسلام هنا جزء من الثقافة والتاريخ أم جلبه أناس جدد؟ يمكن العثور على الإجابات على كل هذه الأسئلة في موضوع البحث "المسلمون في الشرق الأقصى الروسي: التاريخ والحداثة" ، الذي نشرته مجموعة من الباحثين هذا العام.
المسلمون الروس جزء من تاريخ البلاد
شارك في عرض الكتاب الذي جرى مع اقامة الندوة العلمية "المسلمون في الشرق الأقصى الروسي: التاريخ والحداثة"، أصحاب المشروع وهم رئيس الادارة الروحية لمسلمي الشرق الاقصى و بمشاركة احمد حضرت جاريفولين من الادارة المركزية الدينية لمسلمي روسيا وأستاذ في قسم اللاهوت بجامعة الأورال للتعدين واليكسي ستاروستين المعيد في قسم الآثار والاثنولوجيا بجامعة الأورال الفيدرالية التي سميت بعد أول رئيس لروسيا ب. يلتسين. الجدير بالذكر أن المشروع كان مدعومًا من مؤسسة الضمانة الرئاسية وشمل بحثًا ميدانيًا في 11 منطقة من شرق سيبيريا والشرق الأقصى، وأكثر من 150 مقابلة ، ومعلومات قيمة وفريدة من 12 أرشيفًا إقليميًا و فيدرالياً، وحوالي 1000 جدول إحصائي ومخطط يعكس التاريخ والحالة الحالية للجالية المسلمة في الشرق الأقصى.
وخاطب احمد حضرت الحاضرين من خلال الانترنت قائلا : " أود أن أبدأ لقاءنا بكلمات الخالق سبحانه وتعالى ، أي بآياته من سورة " العلق ". وبهذه الآيات انطلقت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، و أطلقت الدورة الكاملة للعلم الإسلامي ، الدعوة الإسلامية. الكلمة الأولى ، الآية الأولى: اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * ".
ووفقًا لجاريفولين ، فإن البحث المقدم في الكتاب هو مسار لجيل المستقبل ، الذي سيدرس ويقرأ هذه السطور وسيفهم أن روسيا دولة متعددة الجنسيات ومتعددة الطوائف والشرق الأقصى ليس استثناءً. حاولنا أن نذكر أن المسلمين في روسيا هم سكان أصليين ولدوا هنا ، ويعيشون منذ قرون ويواصلون بناء دولة ومدن واقاليم . كتابنا دليل آخر على كلام رئيسنا فلاديمير بوتين بأن مسلمي منطقتنا ليسوا وافدين جددًا، لكنهم اصليين، وهنا هم أنشأوا وبنوا المنطقة هنا. واضاف "أنا متأكد من أن عملنا سيعطي دفعة معينة لتنمية المجتمع المدني، وتعزيز الحوار بين الأديان، وتطوير العلاقات والأنشطة بين الأعراق، وسيساعد المهاجرين في الشرق الأقصى على التكيف والمساهمة في إقامة جوار سلمي".
أثناء إعداد البحث، كما أشار أحمد حضرت، واجه الفريق بعض الصعوبات: "الحالة النفسية الصعبة للمجتمع، وباء فيروس كورونا أضاف حالة معينة من المشاعر إلى الحياة اليومية. في ظل ظروف الحظر والقيود المفروضة، وإغلاق مناطق معينة، كان من الصعب جدًا العمل، وبالتالي، جاءت البيانات الأرشيفية منقذة لعملنا".
دراسة تاريخ الإسلام في الشرق الأقصى ستتغلب على كراهية المهاجرين والأجانب
شارك في تنمية الشرق الأقصى ممثلين عن كل القوميات والديانات المختلفة بمن فيهم الذين يعتنقون الاسلام. وتأكيدا لذلك اشار ستاروستين الى أنه " في الفترة 2000- 2010 ، بدأت عمليات الهجرة في التأثير بشكل جدي على الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وازداد عدد الواصلين من آسيا الوسطى وما وراء القوقاز، الذين جلبوا معهم التقاليد العرقية والثقافية والطائفية، وبدأوا في بناء المساجد، التي شكلت البنية التحتية للديانة الإسلامية ''. - للأسف الآن، فيما يتعلق بزيادة عدد المهاجرين، نشهد حالة بدأ فيها يُنظر إلى الإسلام على أنه دين الوافدين الجدد. ومع ذلك، يشير التاريخ إلى أنه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر - أوائل القرن العشرين، ظهرت مساجد كبيرة في أكبر المدن الرئيسية في الشرق الأقصى وتشكلت المجتمعات الإسلامية. واضاف الخبير بأنه على يقين من أن العمل المنجز وإيصال النتائج إلى عامة الناس يمكن أن يساعد في التغلب على كراهية المهاجرين والأجانب، فضلاً عن المساهمة في تنسيق العلاقات بين الأعراق والأديان.
أثناء البحث، سجل فريق المشروع مقابلات مع شخصيات دينية واجتماعية وقادة جمعيات عرقية وثقافية عامة. وفي نفس الوقت تم البحث في الأرشيفات والمكتبات والمتاحف. ونتيجة لذلك، تضمن الكتاب مواد تتعلق بتطور المجتمعات الإسلامية في كل منطقة من مناطق الشرق الأقصى، وصورًا تاريخية فريدة ومعاصرة، ووثائق أرشيفية، ظهر بعضها لأول مرة في التداول العلمي. والجدير بالذكر أنه إلى جانب الكتاب، تم نسخ إلى قرص الكتروني رقمي جميع الملاحقات، بما في ذلك آلاف الجداول والمخططات التي تم تجميعها على أساس التعدادات، والتي تعكس العمليات العرقية والديموغرافية في المجتمع المسلم في الشرق الأقصى وتسمح لنا برسم صورة كاملة بأثر رجعي لتطور المجتمع المسلم.
مسلمو الشرق الأقصى: من الإمبراطورية الروسية حتى الوقت الراهن
الكتاب مقسم إلى ثلاثة فصول، كل فصل مخصص لفترة محددة. يصف الجزء الأول من العمل فترة الإمبراطورية الروسية وكيف حدث تطور المجتمعات المسلمة في ست مقاطعات ومناطق من الإمبراطورية. إذا سنعود إلى الوثائق التاريخية، فسنجد أن أوائل المسلمين في شرق سيبيريا والشرق الأقصى ظهروا في القرن السابع عشر كجزء من الفصائل العسكرية التي تم إرسالها لتطوير المنطقة (كانوا من التتار)، والذين عملوا، كقاعدة عامة، كمترجمين فوريين. لكن لم يتم الحفاظ على المعلومات المتعلقة بمراعاة تمسكهم باقامة طقوس الإسلام - وشارك أليكسي ستاروستين في التاكيد بالمعلومات عن فترة وصول الاسلام للمنطقة فقال: إذا تحدثنا عن التواجد للمسلمين في هذه المنطقة، فهذه هي نهاية القرن الثامن عشر - بداية القرن التاسع عشر. في هذا الوقت ظهرت أولى القرى التي يسكنها التتار في حوض البيكال. وثائق محفوظة عن تاريخ بناء أول مسجد وكان في عام 1833، وبحلول نهاية النصف الثاني من القرن التاسع عشر، انجذب عدد كبير من المسلمين إلى المنطقة.
الفصل الثاني مكرس(مخصص) للفترة السوفيتية. "الفترة السوفيتية هي الأقل تزويدا بمصادر تاريخية عن حياة المسلمين في الشرق الأقصى. منذ إغلاق المساجد في 1930، كانت هناك إشارات قليلة إلى الممارسات الدينية الإسلامية في الوثائق الرسمية. وقد لوحظت الأعراف الإسلامية، وخاصة طقوس دورة الحياة، على مستوى الأسر، حتى المهاجرين من 1940 1950 - من منطقة الفولغا جلبوا معهم الكتب العربية المحفوظة بحوزة العائلات. قيل عن هذا في مقابلة مع شيوخ المجتمعات المحلية. ولاحظ الباحثون انه كان هناك أيضا مؤسسة الواجهات الدينية غير الرسمية تقوم بعملية الطقوس الرئيسية في الحياة .
في سياق البحث، وفقا لستاروستين، تمكنا من تصنيف المجتمعات الإسلامية المحلية التي تشكلت خلال فترة البحث. الحديث يدور عن المجتمعات الريفية والحضرية؛ الأمة التي نشأت في المناطق الصناعية ومحطات السكك الحديدية، المجتمعات الإسلامية في الحاميات العسكرية والسجون.
"في الكتاب، يمكنك العثور على معلومات حول الأئمة والتجار الذين مولوا الوافدين المسلمين، وساعدوا في تنميتهم، وعن الأشخاص العاديين الذين تمكنا من معرفة مصيرهم. تم العثور على بعض المعلومات في أرشيف أوفا، " يؤكد ستاروستين. ووفقا له، فإن تشكيل مجتمعات كبيرة من سكان آسيا الوسطى وجمهوريات شمال القوقاز هي عملية تدريجية.
الجزء الأخير من الدراسة المخصصة للحالة الراهنة للمجتمع الإسلامي في الشرق الأقصى له أهمية كبيرة. الباحث على يقين من أن الفترة الحديثة في حياة الجاليات المسلمة في الشرق الأقصى تتميز بعدد قليل من المنظمات الدينية الإسلامية المسجلة رسميا (41 أو 2.6٪ من جميع المنظمات الإقليمية المسجلة في منطقة الشرق الأقصى الفيدرالية)، وهناك عدد صغير نسبيا من المساجد التي بنيت خصيصا (ناخودكا ، ياكوتسك ، أولان أودي ، بلاغوفيشتشينسك ، بيروبيدجان ، كومسومولسك أون أمور ، أوسورييسك ، أيخال ، يجري بناؤها في ألدان ، نيريونغري ، زاتاي ، ويجري التحضير لبناء مسجد في خاباروفسك) تكوين عرقي متنوع: تلعب شعوب منطقة الفولغا وشعوب شمال القوقاز وما وراء القوقاز وشعوب آسيا الوسطى دورًا نشطًا في الحياة الدينية وقيادة المجتمعات الإسلامية، فضلاً عن المشاركة الفعالة في المشاريع الاجتماعية والخيرية و في الحوار بين الأديان.
لم يتجاهل مؤلفو الكتاب المبادرات التعليمية والاجتماعية للمنظمات الدينية الإسلامية وأنشطتها الخيرية والتفاعل مع السلطات وممثلي الأديان و الطوائف الأخرى والعمل على التكيف الاجتماعي والثقافي للمهاجرين والمشاركة في تنسيق العلاقات العرقية والدينية ومنع المظاهر المتطرفة.