في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام يحتفل العالم بأسره باليوم العالمي للفن الإسلامي. ويعد الاحتفال بهذا اليوم أحد أكثر الأساليب لنشر مبدأ التسامح بين الشعوب وتعزيز التقارب الثقافي وذلك بفضل ما يحمله ويعبر عنه الفن. في تتارستان، تقرر بهذا اليوم افتتاح معرض جديد نظمه المتحف الوطني لجمهورية تتارستان بمشاركة القنصلية العامة لجمهورية تركيا في قازان. معرض صور " منابر السلاجقة في جزيرة اناتوليا : روائع الفن الإسلامي" والذي حوى على 40 صورة أُعدت كجزء من مشروع بحثي للناقد الفني ليليا ساتاروفا والمصور التركي إسماعيل هيكير والتي ألتقطت في مختلف المدن التركية في أعوام 2015-2021.
ما هو المنبر ؟ لماذا يحتل مكانا مهما ليس فقط في الإسلام، ولكن أيضا في الفن الإسلامي، في معظم ثقافة الشعوب المسلمة الممتدة لقرون؟ في العصور الوسطى، كان المنبر هو القسم الذي حول المسجد المعتاد إلى جامعا كبيرا ، حيث بدوا الخطب في ذكر الخالق . تم تصميم المنبر والذي يرمز إلى القوة الروحية والدنيوية من انواع الأخشاب الثمينة ويقوم بتصميمه أفضل حرفي في وقته. وهذا العمل يعتبر زخرفة غنية بسبب إحتوائها عن جميع أشكال الزخرفة الإسلامية مستندا إلى قوانين الهندسة. و أشكال المنابر التي تبقت حتى اللحظة أذهلت ليس فقط المشاهد، ولكن أيضا الباحثين ومؤرخي الفنون.
وفقا لمدير المتحف الوطني لجمهورية تتارستان أليسا فياتكينا ، الصور المعروضة في المعرض تمثل ذروة المهارة البشرية. وقالت:"إنه لأمر مذهل أن ندرك مقدار الطاقة والوقت والصبر والجهد المبذول لإنشاء كل منبر. كان الحرفيون قادرين على إيصال أفكارهم لنا لقرون قادمة وبالتالي إدامة عملهم. وماذا سيبقى بعدنا على هذه الأرض؟ أثناء تفقدنا للمعرض الجديد، بدأنا نفكر في جوهر الكون والجمال والإخلاص لعملنا".
ووفقا لساتاروفا، نائب مدير متحف الحافظ الرئيسي، الفن الإسلامي يستحق اهتماما كبيرا من الجمهور والباحثين. فكرة مشروع معرض الصور الفوتوغرافية ظهرت قبل عشرة اعوام. "لقد اخترنا موضوع دراسة منابر العصور الوسطى لأنها كانت رمزا للقوة السياسية والروحية. لان الصعود الى المنبر كان فقط مخصص لزعماء الامة الاسلامية. وهو موضوع رمزي جدا لإحتوائه على معنى ومغزي كبير. وبالإضافة إلى ذلك، كان يعكس كل أنواع الزخرفة الإسلامية، والتي تم تطويرها خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر".
وفقا لها، فإن المنابر الموضحة على الصور تحمل رسالة الوئام، والجمال، توازن العالم، الذي خلقه الله سبحانه وتعالى . شُفرت هذه الرسالة في المستويات الهندسية المليئة بالزخرفة الملونة والمنحوتة. وكان عملنا المشترك محاولة توثيق الإبداع والرغبة في نقل هذا الموضوع وشخصية المُبدع نفسه.
المثير للإهتمام في المشروع هناك 6 من 8 منابر التي عُرضت في معرض الصور اليوم هي حاليا مازالت موجودة في المساجد التركية . هذا هو أغنى التقاليد، عندما تأتي إلى الصلاة وترى منبر قديم تحدث منه خلال قرون الأجداد والأسلاف. "هذا يقلب وعي كل مسلم. على سبيل المثال، أحد المنابر في مسجد واقع في كونيا في عاصمة سلطنة السلجوق، موثق عليه سنة 1155 والى الوقت الرهن يتوافد اليه المسلمون لاقامة الصلاة".
بدوره، تحدث القنصل العام لجمهورية تركيا في قازان عِصمت إيريكان عن العلاقات التاريخية والثقافية الوثيقة بين تركيا وجمهورية تتارستان وقال:"لدينا ماهو مشترك - لغة واحدة، دين واحد. لذلك، أنا متأكد من أن الأعمال التي ترونها أمامكم تعتبر قريبا جدا لكم . من البهجة للغاية أن يوم افتتاح المعرض تزامن مع اليوم العالمي للفن الاسلامي . اليوم، هنا يمكنك أن تُشاهد ليس فقط الصورة مباشرة من تركيا، ولكن أيضا الروائع التترية لنفس الفترة ايضا".
الصور المعروضة في المعرض هي كالقطرة في المحيط وهي جزء صغير من الأرشيف الحالي. تحدث عن ذلك المصور إسماعيل بك خيكير وقال:"أتباع هذا التقليد، تلك التقنية المنحوتة، يعيشون في تركيا. آخرهم يبلغ من العمر 80 عامًا. يستغرق هو وفريقه من 5 إلى 6 سنوات لتصميم منبر من هذا النوع . كل شيء مصنوع يدويًا باستخدام نفس الأسلوب الذي يميز الحرفيين السلجوقيين. عندما أنظر إلى هذه المنبار القديم، يتبادر إلى ذهني حكمة الصوفي جلال الدين الرومي الشهير القائلة: أنت - هذا الذي تبحث عنه".
في المعرض أيضًا أجزاء من الزخرفة المعمارية لمباني عصر الحشد الذهبي لبولغار. تُظهر عينات من الفسيفساء متعددة الألوان والجص المنحوت المحفوظ في المتحف الوطني لجمهورية تتارستان والمعبر عن السمات المميزة للزخرفة الإسلامية.
إلميرا جافياتولينا