هل فكرت يوما، متى ظهر مصطلح "ميدتسينا – الطب"، التي دخلت بحزم إلى حياتنا اليومية؟ وبين العلماء والباحثين هناك رأي مفاده أن ظهور هذه الكلمة مرتبط بإسم إبن سينا ، وهو الحكيم الشرقي العظيم، والطبيب، والعالم – "مادات سينا".
سوء الفهم المزعج.
عند الإطلاع على تاريخ إسبانيا، يصبح من الواضح أنه بعد عصر النهضة الشرقية، قام الكثير من العلماء الغربيين بإعادة كتابة وإعادة التفكير في أعمال المفكرين الشرقيين. ولم لم يكن هناك عصر النهضة في الشرق، فإنه لم يكن يكن هناك عصر النهضة الأوروبي. ولكنه، وعلى الرغم من ذلك، فإن السلسلة المشهورة "100 عالم عظيم في العالم" لا توجد ولا حتى كلمة عن السيرة الذاتية، ولا حتى عن المساهمة العظيمة للعلماء المسلمين في تطور وتنمية العلوم العالمية. وكان هذا تحديدا هو الدافع الرئيسي لتصوير فيلم عن إبن سينا.
وربما، لا يوجد شخص في العالم لا يعرف من هو إبن سينا، ولم يتبع فلسفته أو لم يستخدم إكتشافاته وإنجازاته في حياته اليومية. إبن سينا هو (أبو علي حسين إبن عبد الله إبن سينا) ويدرج إسمه في قائمة الأشخاص الذين تركوا أثرا مشرقا في تاريخ الإنسانية. وهو معروف كطبيب، وفيسلوف، وعالم رياضيات، وموسيقي، وشاعر، وعالم عظيم، والذي قدم مساهمة لا تقدر بثمن في 29 من مجالات العلوم.
كما وأنه غير معروف العدد الدقيق لأعماله العلمية، ولكن الباحثين يتوقعون أن تكون تلك الأعمال ما بين الأرقام من 160 إلى 450. حيث تم إحراق كتبه، وأخذت بعيدا، وتم إخفاؤها، ونقلت كتبه من شخص إلى أخر تحت الخوف من الموت، ولكنه وحتى القائمة البسيطة منها تبدو مؤثرة: "كتاب الشفاء"، "كتاب النجاة"، "كتاب الإرشادات والتعليمات"، "كتاب المعرفة". هذا أمر لافت، أليس كذلك؟
ولذلك، فإن الشئ الأكثر إثارة للدهشة أنه غير مفهوم وغير واضح أبدا، لماذا لا توجد ولا حتى أي كلمة عن هذا العالم البارز في الشرق في دورة الأفلام القصيرة الشعبية التي تبث بإنتظام "100 عالم عظيم في العالم". هذا الخطأ قرر تصحيحه المخرج شوخرات ماخمودوف، الذي صور فيلما بعنوان "ضوء من الشرق" وكتب السيناريو زوجته رازيكا ميرجينبايفا.
إبن سينا على الشاشة
أساس الفيلم أصبح تعارف العالم الشهير في العالم موسوعة إبن سينا مع المفكر العظيم أبو ريحان البيروني. كما تم تصوير الفيلم على أراضي عدة دول – أوزبكستان، إيران، فرنسا، روسيا، ولعب دور المفكر الشرقي الممثلين الشباب الموهوبون مثل الممثلين حسن و خوسان ساليخوف.
ولقد تحول الفيلم إلى السيرة ذاتية، وإلى الشخصية التعليمية. وكانت اللقطات الأولى من الفيلم هي رمزية – ونرى إبن سينا ذلك الشاب الذي لا يزال شابا صغيرا يصعد الدرج. ولكن الصورة تغيرت، ونحن نرى بأننا مستعدين للإنطلاق كالصاروخ.
بخارى المقدسة – هي قلعة العلماء وعلماء الدين. كما أن كلمة "بخارى" تعني دار المعرفة. وليس فقط بخارى، ولكن مدنا أخرى كانت تركز على العلم، والثقافة، والفن المعماري. وتحديدا على أرض خوريزما تم تأليف كتاب "أفستا" – وهذا نفس تذكاري ديني فريد من نوعه في الثقافة العالمية. وكان هذا سابقا في العصور الوسطى في أسيا الوسطى – يمثل صعودا حادا وهو فجر الحضارات القوية بشكل لا يصدق الذي أعطى قوة دفع وزخم لتحول العالم بأكمله.
"النهضة الشرقية" – هكذا كانت تسمى هذه الظاهرة الفريدة من نوعها. وكان ذلك لبعض من العباقرة العظماء. ومنهم على سبيل المثال: عالم الموسوعة أبو ناصر الفارابي – "أرسطو الشرق"؛ وعالم الرياضيات محـمد الخوارزمي – وهو مؤسس الجبر؛ وعالم الفلك والجغرافيا أحمد فرغاني، وهو أول العلماء الذي أثبت أن الأرض لها شكل كروي؛ وعلماء الدين والعلماء الأخرين مثل الإمام البخاري، والإمام الترمذي وغيرهم الكثيرين من الأسماء التي كانت شهرة بارزة على مدى قرون عديدة.
"يقولون، بأن الغرب – هو الجسد، أما الشرق – فهو الروح. وكان يوجد شخص وحد العالم كله. وكان من بين هؤلاء الأكثر شهرة في ذلك العصر هو أبو علي إبن سينا".
هناك أسطورة في الشرق القديم: عندما يولد العبقري، يسمع الناس ليس البكاء، وإنما ضحكة الطفل، وجميع الطيور تغني حوله"، - وهكذا بدأت قصة الحياة الصعبة، ولكنها كانت مثمرة للغاية لأحد أعظم علماء الشرق، الذي شارك العالم بأسره في العلوم العالمية، بما في ذلك، الطب، لـ "قبل" و "بعد إبن سينا".
ولد إبن سينا في عام 980 ميلادية في عائلة رجل ثري في قرية صغيرة إسمها أفشان (على أراضي إقليم أسيا الوسطى) بالقرب من بخارى، التي كانت في ذلك الوقت عاصمة لدولة السامانيين. ومع إنتقال الأسرة إلى العاصمة، فقد تمكن الصبي الموهوب منذ طفولته من الحصول على المعرفة الواسعة، وذلك لأنه في ذاك الوقت كانت بخارى تعتبر مركزا تعليميا، حيث يأتي إليها الكثير من الفلاسفة، والأطباء، والشعراء لزيارة قصر مكتبتها الغنية بالكتب.
ومنذ طفولته المبكرة كان إبن سينا يتميز عن أقرانه الذين كانوا من جيله بفضول لا يصدق، وكان يثير دهشة البالغين بأسئلته بإستمرار، وغالبا ما كان يظهر للمعلمين وجهة نظره العميقة على أسئلة الحياة، وماذا كان يتوقع هؤلاء من هذا الشاب.
وبالكاد كان يبلغ عمر الطفل الموهوب 10 سنوات عندما كان يحفظ القرأن الكريم (عن ظهر قلب) غيبا. وكان الناس المحيطين بإبن سينا مندهشون من نجاحات هذا الشاب المراهق. وعندها، قرر الأب إخراج إبنه من المدرسة من أجل إيلاء المزيد من الإهتمام لتعليمه بشكل فردي. وكان يأتي إلي بيته مدرس (رجل مدرس وكبير في السن)، وهو مدرس للفيزياء، وعلم الفلك، والفلسفة، والجغرافيا وغيرها من المواد الدراسية الضرورية.
وبعد مرور بعض الوقت، وصل التلميذ بمستوى معرفته إلى مستوى أستاذه في المعرفة، وقرر أن يبدأ بشكل مستقل بالراسة، لكي يعثر على أجوبة الأسئلة التي كانت تشغل باله. وفي سن الرابعة عشر من عمره حيث تجاوز عمر ذلك الشاب المتطور والمتنور والذي أخذ يهتم بالطب، وقام بدراسة جميع الأطروحات في المدينة وبدأ بزيارة المرضى التي كانت حالتهم صعبة للغاية، من أجل أن يفهم بشكل أكثر تعمقا عن حقائق العلوم. وإلى دروسه في الطب دعى إبن سينا الطبيب المعروف ومؤلف الكتاب الطبي الرئيسي في ذلك الوقت أبو سهل المسيحي.
وذات مرة حدثت حالة غير عادية في القصر: مرض رئيس الدولة، ولم يستطع أي من الأطباء في القصر أن يجد له العلاج المناسب. وعندما تم دعوة إبن سينا إلى الأمير، الذي أعطاه التوصيات اللازمة وبكل نجاح تمكن من إكتشاب نوع المرض. وبعد هذه الحادثة أصبح إبن سينا الطبيب الشخصي للحاكم. وهذا المنصب الجديد فتح له الطريق إلى الكتب في قصر المكتبة، التي كان يأتي إليها الناس من جميع أنحاء العالم.
وبعد أن بلغ سن الثامنة عشر (18) من عمره تمكن هذا الشاب المتعلم وسمح لنفسه بمناقشة العلماء البارزين في شرق ووسط أسيا عن طريق المراسلة. وفي عمر الـ 20 من عمره، أصبح يؤلف كتبا منها: "الموسوعة العلمية الشاملة الواسعة النطاق"، ومنشورات عن علم الأخلاق والقاموس الطبي.
ولكن الحرب جاءت إلى بخارى، وإستولت عليها القبائل التركية، التي دمرت وحرقت العاصمة وجعلتها على الأرض، وعلى طول الطريق، دمرت حتى الأساس المكتبة الغنية بكتبها. والد إبن سينا توفي، والشاب قرر مغادرة وطنه، وحتى دون أن يعلم أنه لا يقدر له أن تطئ قدمه أرض وطنه بخارى. ومنذ ذلك الوقت، فإن حياته اللاحقة ستكون كلها مليئة بالمكائد، وحسد هذا العبقري في عصره والشرق بأكمله وتجواله المستمر في جميع أنحاء العالم.
البيئة الفكرية لهمدان
وفي خوارزم وجد الطبيب الشاب الكثر في الأصدقاء، وبعدها وصل إليه أساتذته السابقين مثل المسيحي و البيروني. كما أن الحاكم المحلي للمدينة ساهم في تطوير العلوم، وسمح للعلماء بالتجمع في القصر للتواصل والحوارات المثمرة.
وفي تلك السنوات حظرت الدولة فتح الأجساد البشرية لدراسة بنيتها. وتعرض الأشخاص الذين خالفوا القانون لعقوبة الإعدام، ولكن هذا القانون لم يمنع إبن سينا والمسيحي من التعطش للمعرفة والرغبة في تحسين مستوى الطب الذي كان في ذلك الوقت، لكي يتمكنوا من مساعدة الناس أكثر وأكثر. وبعد فترة من ذلك الوقت، تم دعوة العلماء إلى السلطان.
كان معروفا بأن مثل هذه الدعوات بالنسبة للعلماء والشعراء تهددهم بشئ واحد – الموت. وكان إبن سينا وصديقه قد قررا الهرب. ولم يحسب ما يلزمه من الكمية الكافية للمياء اللازمة لأنه كان على عجلة من أمره، فقط إبن سينا معلمه المسيحي في الإعصار الذي حدث في الصحراء. وكان أمام العالم – سنوات من التجول، ومحاولات الهروب من السلطان وتغيير الإسم، في محاولة منه ليخفي هويته من أجل البقاء على قيد الحياة. ولكن هذا لم يصبح عائقا أمام نشاطاته العلمية.
في العام 1016 ميلادية إبن سينا توقف إبن سينا في همدان (العاصمة السابقة لدولة الميدية). في ذلك الوقت كان يحكمها أمراء من غير المتعلمين، وهذا ما أصبح ذو فائدة بالنسبة إلى إبن سينا. وحصل بسرعة على منصب كبير الأطباء للحاكم المحلي وحصل على منصب رئيس الوزراء (الوزير الأول).
وسمحت له سنوات إقامته في همدان كعالم بالوصول إلى النتيجة المنطقية لإكمال مجلده الأول والعمل الرئيسي له – كتاب "قانون العلوم الطبية"، والتي تدرس حتى هذا اليوم في المعاهد الطبية، والتي تعجب من هذا الإفتتاح والمعجزة العلمية الذي ألفها.
ولفترة زمنية قصيرة، تحول كتاب "القانون" إلى موسوعة ذات أهمية عالمية، والتي إستخدمت كذلك في أراضي روسيا القديمة. وحتى لو يكن هذا العالم قد كتب أي شئ أخر غير كتاب "القانون"، فإنه من خلال هذا العمل الوحيد سيضمن لنفسه الإسم الخالد. 5000 صفحة في الطبعة الحديثة، وحوالي 2000 مرض. وبعد وصف أعراض المرض، يتم إتباع المزيد من طرق العلاج.
إكتشافات إبن سينا
كان لا يقترح بعلاج المرض، بل بعلاج المريض، تحدث هو عن الحالة الثالثة للجسم – بين الصحة والمرض (الحديث يدور عن التعب المزمن). إبن سينا في البداية كان يحدد دستور الإنسان، ونوعه النفسي، ونمط طريقة حياته. وبناءا على ذلك، حاول أن يوازن الجسم كنموذج كلي واحد.
وكان يتألف هذا العمل من خمس مجلدات:
1 المجلد الأول – هي العلوم الطبية (وصف الأمراض الحادة والمزمنة، وتشخيصها، وعلاجها، والجراحة).
2 المجلد الثاني – هو رواية القصص عن الأدوية البسيطة ذات المنشأ الطبيعي لها.
3 و 4 المجلدات الثالث والرابع – هي توصيات لعلاج أمراض الأعضاء البشرية، والكسور في الجسم.
5 المجلد الخامس – هو وصف خصائص العقاقير والأدوية الطبية المعقدة التحضير بطريقة ذاتية، وكذلك مع الإشارة إلى مراجع عن الأطباء القدامى في أوروبا وأسيا.
وحتى أيامنا هذه، فإن جميع الأطباء في أوروبا درسوا الطب تحديدا وفقا لـ "قانون الطب" لإبن سينا. وأصبح هذا العمل هو الأكثر دراسة في تاريخ البشرية.
ومن خلال أبحاثه وإنجازاته العلمية إكتشف إبن سينا أن الفيروسات هي مسببات الأمراض غير المرئية وهي من العوامل المسببة للأمراض المعدية. وهذه الفرضية سيتم تأكيدها بعد 800 عام من قبل الفرنسي لويس باستير.
ومن المستحيل عدم الإهتمام بمعرفة الفلسفة حول النبض. وكتب في كتابه جميع أنواعه الممكنة وظروفه. وأصبح إبن سينا أول طبيب، يعطي تعريفا طبيا للأمراض المعقدة مثل: الطاعون، واليرقان، والكوليرا. وتحديدا هو الذي شرح بالتفصيل بنية وهيكل العين البشرية.
إبن سينا لم يقاوم النظرية، بأن البداية هي كل البدايات، وأن السبب الجذري لكل موجود في هذا الكون هو الله. الذي أنشأ عالم الخلود، وهو الذي حلل بالتفصيل جوهر الروح البشرية، التي تحدث في مظاهر وهيئات مختلفة (سواء لدى الحيوانات أو الإنسان) على الأرض، وبعد يعود من جديد إلى خالقه.
وفضل إبن سينا الحديث عن المواضيع الجدية من خلال القصائد والشعر. وفي هذا النموذج، كتب مثل هذه الأعمال، منها: "مقالة عن الحب"، "هاي إبن يقظان"، الطائر" وغيرها.
وقدم إبن سينا مساهمة لا تقدر بثمن في علم النفس: حيث أنه كان قد وضع وطور نظريته في مسائل مزاج الإنسان (وقسمه إلى شخصيات ساخنة، وباردة، ورطبة، وجافة). ومن المستحيل عدم الإشارة إلى كتاباته وأعماله في الميكانيك نظرية القدرة بقوة الحصانات)، في الموسيقى (عمله في نظرية الفن الصوتي).
كما أن عدد الأعمال والمؤلفات للفيلسوف وفقا لمصادر مختلفة هي متعددة. بعض المؤرخين يزعم بأنه ألفَ حوالي 453 كتابا في مختلف المجالات العلمية. وفي الأدب العربي توجد عشرات المؤلفات للفيلسوف في (علم الفلك، الكيمياء، وعلم الكيمياء وغيرها) وهي محفوظة بكتابة يدوية غير مكتملة. والأن هي موجودة في المكتبات في العديد من مختلف دول العالم. أما بالنسبة لغنائه، فقد قام بتمجيد وجمال الأنثى، والحب، والإنسجام والوئام، والكمال.
وكان إبن سينا قد عاش حياته المثيرة للإهتمام، والتي كانت مليئة بالصعود والهبوط. والعودة إلى وطنه بعد سنوات التجوال الطويلة، وللأسف الشديد لم يتمكن العالم المسلم من ذلك، وتوفي في أرض أجنبية في عام 1037 ميلادية. وكان عمره أقل من 57 سنة. ودفن العالم المتميز في مدينة همران، وبعد مرور 8 أشهر من وفاته، تم نقل جثته إلى أصفهان لدفنها في الضريح.
وعندما شعر بدنو أجله وموته، أدار عينيه وتوسل إلى الله سبحانه وتعالى: "من غيرك يزيل المعاناة؟ ولمن يتم البكاء بالصلاة؟ إن روحي تقبل المغفرة وتتصل بك إلى الأبد. ومن رموشي خيط اللؤلؤ تنهمر الدموع إلى الصدر...".
"نحن نموت ومعك نحمل وعيا واحدا – الوعي الذي لم نتعلم أي شئ...:".
إلميرا غافياتوللينا