أعلنت الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن دعوة موسكو للغرب إلى اتباع نهج مسؤول لاستئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وقالت زاخاروفا، اليوم الخميس 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022: "إننا ندعو واشنطن والعواصم الأوروبية إلى التخلي عن الاعتبارات الانتهازية للتفكير بجدية وموضوعية في ما يحدث والتعامل بمسؤولية كاملة مع مهمة استئناف التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة في أقرب وقت ممكن. وهذا بدوره سيزيل المخاوف بشأن حجم ووتيرة ومستوى إنتاج المواد النووية في إيران. نحن مستعدون لتعزيز هذا النهج بكل طريقة ممكنة".
وأشارت زاخاروفا إلى أنه في 22 تشرين الثاني الجاري، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في تقريره الصحفي أن إيران بدأت إنتاج اليورانيوم بمستوى تخصيب يصل إلى 60٪ في منشأة فوردو، فضلا عن استبدال جزء من أجهزة الطرد المركزي بنماذج أكثر حداثة.
وأضافت: "نحن بحاجة فقط إلى إدراك أن جميع التغييرات في البرنامج النووي الإيراني تحدث تحت السيطرة المستمرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فمن الوكالة يتلقى المجتمع الدولي المعلومات ذات الصلة. ولا يتضمن التقرير أي استنتاجات أو تقييمات يمكن تفسيرها على أنها تشير إلى أن إيران تنتهك التزاماتها بعدم الانتشار. وكل ما تنص عليه معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، واتفاق الضمانات الشاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يتم تنفيذه من قبل طهران تنفيذاً صارماً ومتسقاُ. هذه هي الحقائق".
الحقيقة غير المريحة
ووفقا لماريا زاخاروفا، فإن هذه حقيقة غير مريحة بالنسبة للغرب. وأوضحت قائلة: "سيحاولون تمويهها بكل الطرق الممكنة من خلال هجمات إضافية علًى إيران. وفي هذه الحالة، فإن وسائل الإعلام الأجنبية، التيار الغربي السائد، تخدم مصالح الحكومات الغربية ببساطة كما لو كانت على خط تجميع. قبل أسبوع واحد فقط، شنوا هجوماً على مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث سجلت الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية المشاركة في خطة العمل الشاملة المشتركة قراراً آخراً معادياً لإيران. وكما تعلمون، فإن روسيا والصين، فضلاً عن عدد من الأعضاء الآخرين في مجلس إدارة الوكالة، لم يدعموا هذا الدافع المدمر".
وشددت الدبلوماسية على أن القرار المذكور أعلاه، مثل القرارات السابقة، لن يكون له أي عواقب عملية، لكنه سيؤثر سلباً بالفعل على آفاق إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة.
المحاولة ستفشل
وأشارت زاخاروفا إلى أن روسيا ترى في الرغبة العنيدة لواشنطن وتوابعها في تحدي إيران باستمرار مظهراً من مظاهر عدم رغبتها وعدم قدرتها على استكمال استئناف الاتفاق النووي: "يبدو أن شركاءنا الغربيين السابقين يشعرون بالإحباط ببساطة، بل خائفون من حقيقة أنه نتيجة لأشهر من جهود التفاوض، تم العثور على حلول تجعل إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة ممكنا. منطق متخلف، لكن هذا التهريج التفاوضي للغاية هو سمة مميزة جدا للغرب. فمن ناحية، المطالبة والرغبة والسعي إلى المفاوضات، وفي إطار هذه المفاوضات الانخراط في بعض الأنشطة التخريبية. نشهد عملية تفكير محمومة في العواصم الغربية من أجل إيجاد ذريعة ملائمة للخروج من اللعبة، ونقل مسؤولية انهيار المفاوضات على طهران. أستطيع أن أقول على وجه اليقين أن هذه المحاولة ستبوء بالفشل".
وأشارت الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية أيضاً إلى أن التقرير المذكور أعلاه للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يعطي أسباباً، بل وحتى أدلة، لذلك. ونوهت بأنه تم العثور على مفتاح مناسب للتسوية في عام 2015، وتدعم خطة العمل الشاملة المشتركة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، وساعدت في النهاية على إزالة أسئلة الوكالة لطهران في ذلك الوقت، لضمان أقصى قدر من الشفافية على المدى الطويل للأنشطة النووية في إيران. وأضافت: "وكما أكدت القيادة الروسية مراراً وتكراراً، فإن الطريقة الأقصر والأكثر فعالية لاستعادة الاتفاق النووي تكمن في الامتثال الصارم من قبل جميع الأطراف لالتزاماتها".
وفي الوقت نفسه، تابعت ماريا زاخاروفا فإن "المشكلة مختلفة: فالغرب لا يحب الامتثال لالتزاماته، ولا كيف ومتى يتم تذكيره بذلك".
واعتبرت أنه تم وضع الحلول اللازمة بأدق التفاصيل في تنسيق "فيينا"، كل شيء توقف على بعد خطوة واحدة فقط من خط النهاية: "لقد أتيحت الفرصة للزملاء الغربيين لاغتنام الفرصة لتأكيد المخطط المطلوب، بينما رفضوا تقديم قرار معاد لإيران إلى مجلس الحكم. لكنهم اتخذوا خياراً مختلفاً، فهم يقتلون كل روح ومعنى المنظمات الدولية، ويطبعون قرارات، ووثائق لا علاقة لها بالقانون الدولي، وهي ليست مسيسة فحسب، بل هي إعلان سياسي لبلد واحد فقط أو مجموعة من الدول. كل هذا خاطئ وضار"، خلصت الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية.
يذكر أنه تم توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران في عام 2015 من أجل التغلب على الأزمة المتعلقة بتطويرها النووي من قبل "الخمسة" الدائمين في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا. وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد اتخذ قراراً في عام 2018 بالانسحاب من هذا الاتفاق. بينما أشار الزعيم الأمريكي الحالي جو بايدن مرات عديدة إلى استعداده لإعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي مع طهران. وتتفاوض روسيا وبريطانيا وألمانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا مع إيران في العاصمة النمساوية - فيينا منذ ابريل/نيسان 2021 لاستئناف خطة العمل الشاملة المشتركة في شكلها الأصلي.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي"
الصور: وزارة الخارجية الروسية
المصدر: تاس