Ru En

السعودية تستضيف قمة جامعة الدول العربية بمشاركة سوريا

١٩ مايو ٢٠٢٣

يجتمع القادة العرب وممثلوهم، اليوم الجمعة 19 مايو/أيار 2023، في جدة على ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية، لحضور القمة الـ 32 لجامعة الدول العربية. القمة العربية هذا العام تعتبر تاريخية، حيث يشارك فيها الرئيس السوري - بشار الأسد لأول مرة منذ 12 عاماً.

 

ومن أبرز القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وتسوية الأزمات في اليمن وليبيا وسوريا بالإضافة إلى الوضع حول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بما في ذلك التصعيد الأخير بين الجماعات المتطرفة في قطاع غزة وإسرائيل. إلى جانب ذلك، سيناقش قادة الدول العربية تعزيز الروابط الاقتصادية وتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب.

 

مكانة سوريا في جامعة الدول العربية

 

كانت سوريا من أوائل المؤسسين لجامعة الدول العربية عام 1945. ومع ذلك قرر وزراء خارجية جامعة الدول العربية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، تعليق عضوية دمشق في هذه المجموعة الإقليمية، في خضم مواجهة بين قوات الحكومة السورية والمعارضة المسلحة، كما سحبت معظم الدول العربية سفرائها وانضمت إلى المقاطعة الاقتصادية لسوريا.

 

كان الدافع الذي دفع دول المنطقة لتطبيع العلاقات مع دمشق هو الزلازل المدمرة التي حدثت في فبراير/شباط 2023، وأودت بحياة الآلاف في تركيا وسوريا، إذ أظهرت عواقب الكارثة أنه لا يمكن تجنب كارثة إنسانية في الجمهورية السورية إلا من خلال الجهود المشتركة.

 

في 7 مايو قرر وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية إعادة سوريا إلى مكانتها في المجتمع الإقليمي. وأعلن مكتب الرئيس السوري في وقت لاحق أنه تلقى دعوة رسمية لحضور القمة من عاهل المملكة العربية السعودية - سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

 

أهمية القمة

 

تعتبر قمة جامعة الدول العربية في عام 2023 ذات أهمية خاصة أيضاً، إذ أنها تتزامن مع عملية تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهما دولتان تحددان إلى حد كبير الهيكل الأمني في الشرق الأوسط والتي تجري على قدم وساق في المنطقة.

 

هذا وقد تم استئناف الحوار بين الرياض وطهران في ابريل/نيسان 2021، بعد مبادرة تصالحية من قِبَل رئيس الوزراء العراقي السابق - مصطفى الكاظمي. ومنذ ذلك الحين، أجرى الطرفان سلسلة من المشاورات، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاقات بشأن إعادة العلاقات إلا في 10 مارس/آذار 2023، من خلال وساطة صينية.

 

هذا ويتفق العديد من الخبراء على أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية كانت ممكنة إلى حد كبير بسبب تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد المراقبون أن التقارب بين الرياض وطهران يفتح آفاقاً لحل الصراع في اليمن المستمر منذ أغسطس/آب 2014.

 

الصراع في السودان

 

سيكون أحد الموضوعات الرئيسية في اجتماع القادة العرب هو تسوية الصراع في السودان، إذ يُشار في هذا الشأن إلى أن الأزمة اتي تشهدها البلاد تصاعدت بسبب الخلافات بين قائد الجيش - عبد الفتاح البرهان الذي يترأس أيضاً مجلس السيادة، وقائد قوات الرد السريع (القوات الخاصة) -محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نائبه في هذا المكوّن، علماً أن التناقضات الرئيسية بين هذين الهيكلين تتعلق بمسألة تشكيل قوات مسلحة موحدة. وقد لقي أكثر من 800 مدني مصرعهم في القتال، بحسب لجنة الأطباء السودانيين.

 

في 7 مايو، عقب اجتماع مجلس جامعة الدول العربية، تقرر تشكيل مجموعة اتصال عربية لحل الأزمة في السودان، تضم ممثلين عن مصر والسعودية والأمين العام لجامعة الدول العربية - أحمد أبو الغيط. وكما قال الأمين العام المساعد - حسام زكي في 17 مايو، فإن المجموعة "ستعقد اجتماعات على مستوى وزراء الخارجية على هامش القمة" لبحث المزيد من الخطوات لتحقيق السلام.

 

بالإضافة إلى ذلك يتفاوض ممثلو الجيش والقوات الخاصة السودانية في جدة منذ 6 مايو. وفي 11 مايو وقعوا إعلاناً بشأن حماية المدنيين، يهدف إلى ضمان سلامة المساعدات الإنسانية واستعادة وصول السكان إلى الخدمات الأساسية وإخراج المسلحين من المنشآت المدنية. وبحسب وزارة الخارجية السعودية، فإن المزيد من المفاوضات في جدة ستركز على التوصل إلى اتفاق على وقف حقيقي لإطلاق النار لمدة 10 أيام.

 

هذا وقد وجهت الرياض دعوة رسمية لعبد الفتاح البرهان لحضور القمة في جدة. لكن زكي قال إن مبعوثاً خاصاً سيمثل رئيس مجلس سيادة السودان.

 

التصعيد في قطاع غزة

 

عادة ما يتصدر الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي المستمر منذ عقود جدول أعمال قمم جامعة الدول العربية. والقمة الـ 32 لم تكن استثناء، إذ تشهد الأراضي الفلسطينية تصعيداً في الآونة الأخيرة، انطلقت شرارته مطلع الشهر الجاري، قبل أيام قليلة من قمة المجتمع الإقليمي.

 

في 9 مايو، شن الجيش الإسرائيلي عملية "الدرع والسهم" في قطاع غزة، حيث قصف أهدافاً عسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، رداً على القصف المكثف لإسرائيل قبل أسبوع من هذا التاريخ. وقد اتفقت الفصائل الفلسطينية المتمركزة في قطاع غزة وإسرائيل، مساء يوم 13 مايو، بوساطة مصرية فاعلة، على وقف متبادل لإطلاق النار.

 

وخلال التصعيد، قال وزير الخارجية المصري - سامح شكري إن استمرار العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين يهدد الأمن الإقليمي، داعاً نظيره الأردني - أيمن الصفدي إلى البدء باستئناف المفاوضات الجادة والشاملة بشأن الملف الفلسطيني.

 

الاستعدادات للقمة

 

من الجدير بالذكر أنه وفقاً لتقليد مُتبّع، تُعقَد اجتماعات ممثلي الوزارات ذات الصلة في دول جامعة الدول العربية قبل القمة، يناقش المشاركون فيها مشاريع القرارات التي ستعرض على قادة الدول الأعضاء في الجامعة، بالإضافة إلى وضع جدول أعمال القمة. وبحسب مصادر تلفزيون "الشرق"، قدم وزراء الخارجية الذين اجتمعوا في جدة يوم 17 مايو مسودات 32 قراراً على الأقل.

 

هذا وقد حضر القمة، ولأول مرة منذ 12 عاماً، وزير خارجية سوريا - فيصل المقداد، إذ شارك باجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية. وأشار المقداد إلى أنه "لم تكن هناك خلافات حول الملف السوري في اجتماع الوزراء العرب"، علماً أن فيصل المقداد أجرى، على هامش الجلسة، محادثات مع نظرائه من الأردن ولبنان والإمارات وعُمان والسعودية وتونس، كما التقى مع الأمين العام لجامعة الدول العربية.

 

الأعضاء

 

هذا ومن المقرر أن يجتمع رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية وممثلوهم في جدة بكامل قوامهم تقريباً. وستكون هذه القمة الأولى للجامعة العربية منذ عام 2010، التي سيحضرها الرئيس السوري - بشار الأسد، كما يحضر الاجتماع الرئيس المصري - عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك - عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء العراقي - محمد السوداني، وأمير قطر - تميم بن حمد آل ثاني، وعاهل المغرب - محمد السادس، ورئيس الإمارات - محمد بن زايد آل نهيان .

 

من جانبها تشارك الكويت باجتماعات القمة ممثلة بولي العهد، الأمير - مشعل الأحمد الصباح، وبنائب رئيس الوزراء للعلاقات الدولية والتعاون والممثل الخاص للسلطان أسعد بن طارق آل سعيد.

 

 

القمة السابقة

 

عقدت القمة العربية الـ 31  في نوفكبر/تشرين الثاني 2022 في الجزائر، وكان هذا أول اجتماع مباشر لقادة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية منذ أكثر من 3 سنوات، وذلك بسبب القيود المفروضة في ما يتعلق بوباء فيروس كورونا. ومع ذلك، لم تستطع قمة الجزائر أن تفتخر بتمثيل واسع. لأسباب مختلفة، إذ غاب عن القمة قادة البحرين والأردن والكويت ولبنان والإمارات وعُمان والسعودية.

 

 

مجموعة الرؤية الإستراتجية "روسيا - العالم الإسلامي"

 Photo: B.alotaby/Creative Commons 4.0

المصدر: تاس