Ru En

زيارة لافروف الأولى إلى دمشق منذ 8 سنوات وهل تفسح الحرب المجال أمام الدبلوماسية؟

٠٨ سبتمبر ٢٠٢٠

أنهى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم أمس الاثنين 7 أيلول/ سبتمبر، زيارة عمل إلى العاصمة دمشق، حيث أجرى هناك محادثات مع نائب رئيس الوزراء السوري، وزير الخارجية وليد المعلم، واستقبله بشار الأسد.

 

ويمكن بالتأكيد وصف هذه الزيارة بأنها "تاريخية"، حيث كانت آخر رحلة قام بها لافروف إلى دمشق في شباط/ فبراير 2012. كما وصل نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، الأحد الماضي، إلى العاصمة السورية، وهو الرئيس المشارك للّجنة الروسية - السورية الدائمة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني.

 

وذكر الخبراء الذين قابلتهم وكالة أنباء "تاس" بالإجماع أن الزيارة لها معنى خاص وسط استئناف عمل "اللجنة الدستورية السورية"، واستقرار الوضع "على الأرض" وتزايد الضغط على الاقتصاد السوري من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

 

ووصف مدير "المجلس الروسي للشؤون الدولية"، أندريه كورتونوف، زيارة لافروف بأنها لفتة رمزية مهمة. ووفقا له، في ظل الظروف التي تستمر فيها العمليات العسكرية في سوريا، فإن وزارة الدفاع في روسيا الاتحادية عادة ما تعزف على الكمان الأول من بين الإدارات الروسية الأخرى.

 

وقال: "لكن منذ إرسال وزير الخارجية إلى سوريا، فإن هذا يعني أن البعد الدبلوماسي للتسوية السورية يكتسب الآن أهمية خاصة".

 

من جهته، لفت بوريس دولغوف، الباحث الأول في مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، الانتباه إلى حقيقة أنه على الرغم من استقرار الوضع "على الأرض" في سوريا إلى حد كبير، "إلا أنه لا يزال صعبا".

 

وأشار دولغوف إلى أن زيارة رئيس السلك الدبلوماسي الروسي ستمكن من طرح بعض الأفكار الجديدة لحل الصراع، بما في ذلك القضية المتعلقة بمحافظة إدلب.

 

وبحسب الكاتب في صحيفة "الشرق الأوسط" رائد جبر، فإن الزيارة يمكن أن تصبح نقطة تحول في تطور الأحداث في سوريا. وبحسب الخبير، فإن روسيا تنقذ الاقتصاد السوري، الذي يعاني من حصار الولايات المتحدة الشديد بسبب الحزمة الجديدة من العقوبات، والتي تسببت في انخفاضات حادة في مستويات معيشة السكان.

 

مرحلة جديدة

 

وكما قال لافروف في المؤتمر الصحفي المشترك مع بوريسوف والمعلم، فإنه خلال المحادثة مع الأسد، أشار الطرفان إلى إرساء الهدوء النسبي "على الأرض".

 

وبحسب وزير الخارجية الروسية، فإن الاتفاقات الروسية التركية بشأن إدلب يتم تنفيذها "ببطء ولكن بثبات"، وهي تؤتي ثمارها. على سبيل المثال، منذ توقيع الاتفاقات، اتسعت بشكل كبير الأراضي التي تسيطر عليها دمشق في منطقة خفض التصعيد في إدلب.

 

وفي الوقت نفسه، أعرب لافروف عن ثقته في أن تركيا ستستكمل العمل على ترسيم حدود الإرهابيين والمعارضة في إدلب وأن مراكز الإرهابيين المتبقية في الأراضي السورية سوف يتم تدميرها بالكامل.

 

لكنه أشار إلى أن هذا الاستقرار "لا يرضي الجميع"، وأن عددا من اللاعبين الخارجيين يحاولون إثارة الميول الانفصالية واستخدام إجراءات أحادية الجانب وغير شرعية تهدف إلى الخنق الاقتصادي للبلاد.

 

كما أعرب بوريسوف عن وجهة نظر تضامنية، وبحسبه، لم يشعر الشعب السوري بالكامل بالتغيرات الإيجابية في البلاد بسبب العقوبات بموجب ما يسمى "قانون قيصر" ضد الأسد، وكذلك بسبب الأزمة العالمية وسط انتشار وباء فيروس كورونا.

 

وأضاف أن الولايات المتحدة والأكراد في شمالي البلاد لا يجرون اتصالات ولا يعطون الحق في السيطرة للحكومة الشرعية على تلك الحقول النفطية التابعة لسوريا.

 

وفي ظل هذه الظروف، وعد نائب رئيس الوزراء الروسي بأن بلاده ستحاول توسيع نطاق النجاح الذي تحقق في المجال العسكري - السياسي ليشمل الاقتصاد السوري أيضا.

 

وبحسب بوريسوف، تعمل موسكو ودمشق على إبرام اتفاقات لإعادة ترميم 40 منشأة في سوريا بما في ذلك في مجال البنية التحتية للطاقة. "وعلى وجه الخصوص، نحن نتحدث عن سلسلة من محطات الطاقة الكهرومائية التي بناها متخصصون سوفييت، واستئناف الإنتاج في الحقول البحرية".

 

بالإضافة إلى ذلك، أعد الطرفان نسخة جديدة من اتفاقية التعاون التجاري الاقتصادي والعلمي الفني والثقافي، والتي قد يتم توقيعها خلال زيارة بوريسوف المقبلة إلى سوريا في كانون الأول/ ديسمبر.

 

الانتخابات واللجنة الدستورية

 

 

كما تطرق الوزراء خلال المؤتمر الصحفي إلى مسألة الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا عام 2021. وأكد الوزير المعلم أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها، وأن لا علاقة لها بأنشطة اللجنة الدستورية في جنيف والتي أعيد فتح أعمالها مؤخرا.

 

وكما أوضح وزير الخارجية السورية، فإن جميع التوصيات الخاصة بتعديل الدستور السوري، وكذلك النص المحتمل للدستور الأساسي الجديد، الذي سيصادق عليه أعضاء اللجنة الدستورية سوف تُعرض بعد ذلك للاستفتاء الوطني.

 

من جهته، شدّد لافروف على أن "تحديد إطار زمني لعمل اللجنة الدستورية السورية أمر غير مقبول".

 

بالإضافة إلى القضايا الثنائية الفعلية والتسوية السورية، تم التطرق خلال المؤتمر الصحفي إلى الوضع في دولة عربية أخرى، مثل ليبيا.

 

وأوضح لافروف موقف موسكو من التسوية الليبية، مشيرا إلى أن روسيا تدعم مبادرات السلام القائمة وإقرار وقف دائم لإطلاق النار. ولفت الانتباه إلى حقيقة أنه منذ بداية الأزمة الليبية، كانت روسيا الدولة الوحيدة التي عملت مع جميع الأطراف الليبية دون استثناء.

 

وبحسب قوله، فإن إدراك أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع أصبح قناعة للقوى الخارجية الأخرى، وكذلك لدى الأطراف المتنازعة.

 

وأشار لافروف إلى أنه بفضل الموقف البناء لروسيا، رسخت موسكو نفسها كمنصة مستقرة ومريحة للمفاوضات - سواء كانت الأطراف الليبية أو السورية أو الفلسطينية أو الأفغانية.

 

ولفت الوزير إلى أنه لهذا السبب اجتمع قادة "مجلس سوريا الديمقراطية" وما يسمى بمنصة موسكو مؤخرا في العاصمة موسكو، لكنه أكد أن الجانب الروسي لم يشارك في اتصالاتهم ومشاوراتهم.

 

ودعا لافروف "إذا كان شركاؤنا من دول مختلفة، حيث تستمر بعض النزاعات، مهتمين بالمزيد من ضيافتنا، فنحن مستعدون لذلك، فنحن نرحب بكم".

 

وتعليقا على طلب الصحفيين بشأن ما نشرته وسائل إعلام أجنبية تزعم أن روسيا تستخدم سوريا كنقطة انطلاق لنقل الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا، أوضح وزير الخارجية الروسي أن مثل هذه التصريحات لا تدعمها أي حقائق.

 

ولفت لافروف الانتباه إلى حقيقة أن الاتهامات الموجهة لموسكو ليس فقط بخصوص ليبيا، ولكن في مواضيع أخرى وهي تدخل بشكل منتظم إلى الفضاء الإعلامي، في حين أن مصادر هذه الاتهامات لا تستخدم آليات تسمح بإزالة تلك المخاوف القائمة.

 

وشدّد على أن كل هذا يثير تساؤلات حول الأهداف من هذا الحشو الإعلامي.

 

 

مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"

الصورة: وزارة الخارجية الروسية