Ru En

محكمة العدل الدولية تبدأ النظر في قضية الإبادة الجماعية المحتملة في قطاع غزة

١١ يناير

تبدأ محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة في لاهاي - هولندا النظر في مطالبة جمهورية جنوب افريقيا ضد إسرائيل لاحتمال الإبادة الجماعية في قطاع غزة، إذ تكرّس جلسات الاستماع للتدابير الوقائية التي يحق للمحكمة اتخاذها بهدف منع تصاعد الوضع أثناء الإجراءات ذات الشأن، وذلك اليوم الخميس 11 يناير/كانون الثاني 2024.

 

في وقت سابق، رفعت جنوب افريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل لانتهاك محتمل لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في محكمة العدل الدولية في لاهاي في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023. وتزعم الوثيقة أنه يمكن وصف ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة بالإبادة الجماعية، لأنها ترتكب بنية محددة تتمثل في " اجتثاث الفلسطينيين في غزة كجزء من مجموعة وطنية وعرقية وإثنية فلسطينية أوسع"، وكجزء من الدعوى القضائية، يسعى الجانب الجنوب افريقي إلى أن تحكم المحكمة بأن إسرائيل تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ويجب أن توقف جميع العمليات العسكرية في قطاع غزة، وأن تكون ملزمة بدفع تعويضات.

 

بالإضافة إلى ذلك، طالبت جنوب افريقيا بإدخال تدابير وقائية لحماية الفلسطينيين "من انتهاكات أخرى خطيرة لا يمكن إصلاحها" لحقوقهم و"ضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية"، وجلسات الاستماع، التي ستعقد في 11-12 يناير الجري، وهي مكرّسة لهذه القضية. ففي اليوم الأول، ستعطى الكلمة لممثلي جنوب افريقيا الذين سيحصلون على ثلاث ساعات لعرض موقفهم، وفي اليوم الثاني، سيتم تخصيص نفس القدر من الوقت للجانب الإسرائيلي.

 

ومن المتوقع أن يصدر حكم المحكمة بشأن التدابير الوقائية في غضون أسابيع قليلة، ومن المرحجّ قبل نهاية الشهر الجاري. وعلى الرغم من عدم وجود آليات آلتنفيذ قرارتها، إلا أن هذه القرارات تعتبر مُلزِمة.

 

 

الإبادة الجماعية أو الحق في الدفاع عن النفس

 

تغطي لائحة جنوب افريقيا اتهامات لإسرائيل بأكثر من 80 صفحة، إذ تحتوي على روايات شهود عيان وبيانات وتقارير للأمم المتحدة ومقارنات تاريخية تهدف إلى إظهار أن إسرائيل تنفذ إبادة جماعية ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة. في الوقت نفسه، تسعى جنوب افريقيا لإثبات أن ما تقوم به إسرائيل من اتهداف عبر آلتها العسكرية يتجاوز الدفاع عن النفس. وللتأكيد، هناك عدد كبير من القتلى، والتشريد القسري، ووقف الإمدادات الغذائية، والحد من الولادة من خلال الهجمات على المستشفيات، كما تتضمن الوثيقة العديد من الأمثلة على التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية من قبل المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء - بنيامين نتنياهو، بالتهديد بجعل غزة غير صالحة للسكن بشكل دائم، في إشارة إلى الفلسطينيين على أنهم "حيوانات بشرية" وفقاً لوصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت، وأكثر من ذلك بكثير. وهناك أيضاً دعوات من وزير المالية - بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي - إيتمار بن غفير لتهجير الفلسطينيين من غزة.

وتنفي إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية، إذ يؤكد الطرف الإسرائيلي على أن القضية فاقدة لأي اساس قانوني، فضلاً عن أنها وتوفر غطاء سياسياً وقانونياً للهجوم الذي شنّته حركة "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

 

وفي هذا السياق، يشير الممثلون الإسرائيليون، على وجه الخصوص، إلى الحق في الدفاع عن النفس وإلى تدابير مبتكرة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب التي تم اتخاذها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين في قطاع غزة.

 

 

لماذا تقدمت جنوب افريقيا بالدعوى القضائية؟

 

تشير جنوب افريقيا في الدعوى القضائية إلى الأمم المتحدة، التي دعت المجتمع الدولي إلى "بذل كل ما في وسعه لوضع حد لخطر الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني"، وبعد أسبوع واحد فقط من بدء العملية الإسرائيلية في قطاع غزة، أعرب رئيس جنوب افريقيا - سيريل رامابوسا عن تضامنه مع الفلسطينيين، ووصف إسرائيل بأنها "دولة فصل العنصري"، مشدداً على أنه لا يمكن لبلاده، التي تتمتع بتاريخ خاص في مسألة الفصل العنصري، إلا أن تدعم ضحايا القمع. وفي هذا الصدد صوّت برلمان جنوب افريقيا، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل حتى يتم وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بالإضافة إلى إغلاق السفارة الإسرائيلية في مدينة بريتوريا (مركز الإدارة التنفيذية والتشريعية والقضائية) - إحدى العواصم الثلاث لـ جنوب افريقيا بالإضافة إلى مدينتيّ بلومفونتين وكيب تاون.

 

تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من حظر الأسلحة الدولي، إلا أن إسرائيل دعمت وبنشاط نظام الفصل العنصري بالأسلحة والتكنولوجيا العسكرية.

 

لكن من جانب آخر يُشار أيضاً إلى أن العلاقات التاريخية بين الفلسطينيين وجنوب افريقيا تعود إلى عقود، إذ دعمت منظمة التحرير الفلسطينية حزب "المؤتمر الوطني الافريقي" بقيادة الزعيم الوطني وأحد رمو النضال في جنوب افريقيا والقارة السمراء ككل - نيلسون مانديلا ضد حكومة الأقلية البيضاء حتى تم القضاء على نظام الفصل العنصري في أوائل التسعينيات، ففي عام 1997، أكد نيلسون مانديلا على العلاقة مع الفلسطينيين بالقول: "نحن على يقين مطلق من أن حريتنا لن تكتمل دون حرية الفلسطينيين".

 

 

مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"

Photo: Racool_studio/Freepik

المصدر: تاس