Ru En

انعقاد المؤتمر التاسع لمجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي" في قازان

١٦ مايو

انعقد في الـ 16 من مايو/أيار الجاري بمدينة قازان المؤتمر الدولي لمجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي" حول موضوع :"روسيا – العالم الإسلامي: نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب وتنمية آمنة" في مركز "بشير رمييف" لتكنولوجيا المعلومات. وناقش المؤتمر الفرص الجديدة للتفاعل بين روسيا الاتحادية والدول الإسلامية في سياق الوضع السياسي المتغير بسرعة في العالم، فضلا عن عدد من المواضيع الحالية المدرجة على جدول أعمال المؤتمر الدولي، والتحديات الجديدة على المستوى الدولي التي تتطلب تنسيقا مشتركا ونهج متوازن عند اتخاذ القرارات بشأن تشكيل نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب وتنمية آمنة. وجرى اللقاء خلال المنتدى الاقتصادي الدولي "روسيا – العالم الإسلامي: منتدى قازان 2024" – المنصة الرئيسية للتفاعل الاقتصادي بين روسيا والدول الإسلامية.


وشارك بالمؤتمر رئيس جمهورية تتارستان، رئيس مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" - رستم مينيخانوف ونائب رئيس الحكومة الروسية - مارات حُسنولين والزعيم الوطني للشعب التركماني، رئيس مجلس خلق مصلحاتي في تركمانستان - قربان جولي  بيردي محمدوف، وممثل منظمة التعاون الإسلامي - محمد صلاح تقية، ونائب رئيس مجلس الاتحاد - قنسطنطين كوساتشيف، ورئيس لجنة مجلس الـ "دوما" للشؤون الدولية - ليونيد سلوتسكي، ووزير حكومة منطقة سامارا - دميتري بوغدانوف، وأسقف الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، المطران - أنطوني فولوكولامسك، ورئيس هيئة رئاسة السياسة الخارجية والدفاعية لروسيا، مدير عمل صندوق التنمية ودعم نادي "فالداي" - فيودور لوكيانوف، والمفتي الأعلى، رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا - طلعت تاج الدين، ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا - راويل عين الدين، ورئيس الهيئة العُليا لمسلمي روسيا - ألبير كرجانوف، ومستشار رئيس جمهورية أوزبكستان في قضايا التفاعل مع المنظمات العامة والدينية - مظفر كاميلوف، ورئيس المجلس العالمي للمجتمعات الإسلامية، الدكتور - علي راشد النعيمي( الإمارات العربية المتحدة)، ومدير مجلس الشؤون الخارجية المصري - عزت سعد، والمدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الـ إيسيسكو) - سالم بن محمد المالك، والأمين العام للمنظمة العالمية للتقارب بين المذاهب - حامد حولي شاخرياري (إيران)، والقاضي الأعلى في فلسطين - محمود صدقي، ومستشار الأمين العام للرابطة الإسلامية العالمية، ممثل الرابطة في روسيا - اليوسف أحمد فيصل، ورئيس الدائرة الأوراسية للرابطة الإسلامية العالمية بمكتب الشؤون الدينية في تركيا - صالح جور، بالإضافة إلى رؤساء المناطق الروسية وشخصيات عامة وسياسية. كما شارك في اللقاء رؤساء البعثات الدبلوماسية الأجنبية ومشاهير العلماء والمفكرون من دول العالم الإسلامي


وإجمالاً، شارك في المؤتمر ممثلو 47 دولة، بالإضافة إلى منظمات إسلامية مثل منظمة التعاون الإسلامي، والرابطة الإسلامية العالمية، وجامعة الدول العربية، والمنظمة الإسلامية العالمية للتعليم والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، المجلس العالمي للمجتمعات الإسلامية.


وقرأ نائب رئيس وزراء روسيا الاتحادية - مارات حُسنولين برقية تحية من الرئيس الروسي - فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين جاء فيها..

 

أحيي المشاركين والضيوف في الذكرى السنوية الخامسة عشرة للمنتدى الاقتصادي الدولي "روسيا - العالم الإسلامي"، الذي تستضيفه قازان بسعادة . ومن جديد تظهر تتارستان للعيان إمكاناتها الغنية وإرادتها وعزمها القوي على المضي قُدماً وفي المجالات المختلفة. إن إنجازاتها في الاقتصاد والمجال الاجتماعي والعلوم والثقافة مثيرة للإعجاب حقًا، وهي بمثابة دليل واضح آخر على المساهمة الكبيرة التي يقدمها المسلمون الروس، سكان الجمهورية من جميع القوميات في تنمية الوطن الأم وتعزيز سيادته  وفي التأثير في العالم وفي ضمان الاستقرار والوفاق في المجتمع الروسي.


إن روسيا تُثمن العلاقات الودية التقليدية مع الدول الإسلامية، ونحن نقدر عالياً رغبتها في انتهاج سياسة خارجية مستقلة وزيادة دورهم في الشؤون الدولية. إننا نقف معاً من أجل تشكيل نظام عالمي ديمقراطي متعدد الأقطاب يقوم على سيادة القانون ومبادئ العدالة، ويتحرر من أي شكل من أشكال الدكتاتورية والتمييز. وبالطبع، نحن ملتزمون بتوسيع التعاون متبادل المنفعة في جميع المجالات - من التجارة والاستثمار إلى الرياضة والسياحة.


كما نعلق أهمية كبيرة على الاجتماع المقبل لمجموعة الرؤية الاستراتيجية “روسيا – العالم الإسلامي” بمشاركة ممثلي منظمة التعاون الإسلامي. ومن المهم أن يتطور تفاعل روسيا مع هذه المنظمة الدولية بشأن القضايا الحالية للأجندة الإقليمية والعالمية بشكل متزايد. إنني على ثقة من أن عمل المنتدى، كما هو الحال دائمًا، سيكون هادفًا وبناءً، وسيعقد بروح من الانفتاح والثقة، وسيعمل على زيادة تعزيز الصداقة والشراكة الإبداعية بين بلداننا وشعوبنا. أتمنى لكم مناقشات مثمرة وكل التوفيق.


وفي معرض حديثه عن تطور العلاقات مع الدول الإسلامية، أشار مارات حُسنولين إلى أن "هذه إحدى أولويات السياسة الخارجية الروسية. إن العلاقة بين روسيا ودول العالم الإسلامي تتسم بطابع الشراكة الاستراتيجية. وتكتسب هذه الشراكة زخماً خاصاً بفضل "روسيا – العالم الإسلامي" برئاسة رئيس تتارستان رستم مينيخانوف. على مدى 15 عاما من النشاط، قامت المجموعة بتطوير اتصالات وثيقة وشاملة بين روسيا ودول العالم الإسلامي. وكل هذا يحدث على خلفية التحديات والتهديدات المعاصرة، فضلاً عن التجارب القاسية التي حلت بمنطقة الشرق الأوسط. في هذه الظروف، من المهم بشكل خاص أن ننقل من هو الشعب الروسي، الذي كان دائماً إلى جانب الحقيقة، من أجل السلام. وأكد مارات حُسنولين أن الإسلام، وهو الدين الأساسي لملايين السكان الروس، كان له تأثير كبير على تشكيل حضارة روسية فريدة من نوعها، حيث يتعايش ممثلو القوميات والمعتقدات المختلفة في سلام ووئام.


وقال الزعيم الوطني للشعب التركماني، رئيس مجلس خلق مصلحاتي في تركمانستان - قربان قولي بيردي محمدوف، في كلمته إن "علاقات روسيا مع العالم الإسلامي تكتسب ديناميكيات خاصة ومبادئ توجيهية أكثر وضوحا. وفي هذا السياق، تقدم روسيا والدول الإسلامية مثالاً لكيفية بناء العلاقات بين الدول والشعوب: باحترام، وعلى قدم المساواة، والتعمق في وفهم احتياجات ومتطلبات الشركاء، مشيرا إلى أن هذه هي قوتنا ومزايانا وآفاقنا، مشددًا على أن روسيا والدول الإسلامية مدعوة إلى إظهار أمثلة لنماذج حديثة للتعاون مع الالتزام بالقيم التقليدية والسلام والعدالة الاجتماعية وأن هناك مجالاً كبيراً للأنشطة المشتركة هنا.


ونقل ممثل منظمة التعاون الإسلامي - محمد صلاح تقية في كلمته تحيات الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي - حسين إبراهيم طه للمشاركين في المؤتمر وقال إن "منظمة التعاون الإسلامي تثمن عالياً العلاقات بين بلداننا، والتي تتفق مع ميثاق المنظمة وقيمها. نحن نقدر حق القدر الفرص التي يتمتع بها المسلمون في روسيا، وحقيقة أنهم يتمتعون بجميع الحقوق ويعملون في جميع مجالات الحياة، والدليل على ذلك هو نشاط مجموعة الرؤية الإستراتجية "روسيا - العالم الإسلامي"، الذي تتزايد أهميته بشكل خاص في سياق التحديات السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والطبيعية المتزايدة على المستوى العالمي. ولا شك أن المنظمات والقوى الإقليمية بدأت تلعب دوراً مهماً في مواجهة هذه التحديات. إن منظمة التعاون الإسلامي تبذل الكثير لتعزيز التعاون على أساس الأهداف المشتركة وفقا لميثاق الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي: مبادئ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون بعضها البعض، وحسن الجوار، والحفاظ على الوحدة والسيادة الإقليمية وحل جميع المشاكل و الإختلافات سلمياً على أساس المساواة والاحترام المتبادل والعدالة". 


من جانبه ركز ممثل منظمة التعاون الإسلامي محمد صلاح تقية بشكل خاص على الوضع حول فلسطين وذلك بالقول: "إننا نؤيد حماية سكان قطاع غزة وندعو إلى منح الشعب الفلسطيني الفرصة لممارسة حقه في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية داخل حدود عام 1967، بناءً على قرارات الأمم المتحدة وعلى مبادرة السلام العربية، مشيراً إلى أن منظمة التعاون الإسلامي تدعو إلى حل الأزمات في مختلف مناطق العالم بسرعة، وبدء الحوار، والتوصل إلى المصالحة على أساس الاحترام والثقة المتبادلة. وبالإضافة إلى ذلك، تعارض منظمة التعاون الإسلامي أي شكل من أشكال الإرهاب والتطرف، وترفض محاولات ربط هذه الظواهر بأي دين أو ثقافة أو قومية.


واختتم تقية كلمته قائلاً: "إننا نكافح ضد الإسلاموفوبيا، والدعاية التي تحض على الكراهية تجاه ثقافة معينة، وندعو إلى الحفاظ على التراث، والنضال من أجل حقوق الرجال والنساء والأطفال والمسنين، والعلاقات الأصلية والتقليدية في مجال الأسرة والزواج".


وأشار رئيس تتارستان، رئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" - رستم مينيخانوف في كلمته إلى أن العالم الحديث يتميز باتجاهات مضطربة ومتناقضة، فضلاً عن الاختلافات في توقعات "النظام العالمي الجديد" بين الدول الجماعية الغربية والعالم غير الغربي، منوّهاً بأن "التعددية القطبية الحقيقية تظهر اليوم، والعولمة تفسح المجال أمام الإقليمية. ويهتم الكثيرون اليوم بأسئلة حول ما سيكون عليه المخرج من هذه الأزمة، وما هو مكان ودور روسيا الاتحادية والعالم الإسلامي كقطبين رائدين للتعددية القطبية، كيف يمكن لروسيا والدول الإسلامية اليوم نعمل معًا من أجل خير الخليقة وتعزيز السلام والأمن والصداقة والتعاون".


وأضاف مينيخانوف أن مجموعة الرؤية الاستراتيجية من خلال موقعها ومستواها، مصممة للمساعدة في العثور على إجابات لهذه الأسئلة. يصادف العام المقبل مرور 20 عاماً على حصول روسيا على عضوية مراقب في منظمة التعاون الإسلامي. وتحتفل المنظمة نفسها هذا العام بالذكرى السنوية الخامسة والخمسين لتأسيسها. وأود أن أهنئ قيادة منظمة التعاون الإسلامي والدول الأعضاء فيها على هذا التاريخ المهم وأتمنى لهم النجاح الجديد في عملهم لصالح جميع البلدان والشعوب. في أوائل شهر مايو (الجاري) شاركتُ نيابة عن قيادة بلادنا، على رأس الوفد الروسي، في القمة الخامسة عشرة لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في غامبيا، التي تُعقد كل ثلاث سنوات كأعلى هيئة في منظمة التعاون الإسلامي. وقد عُقِدت القمة في غامبيا تحت شعار: "تعزيز الوحدة والتضامن من خلال الحوار من أجل التنمية المستدامة". وعلى هامش القمة التقيتُ بقادة عدد من الدول الإسلامية. تحدثنا عن تعاون روسيا مع العالم الإسلامي، بما في ذلك أنشطة مجموعتنا. وفي كثير من المجالات تتقارب مواقفنا أو تكون متقاربة للغاية. ويبدي المشاركون في القمة اهتماما كبيرا بالتعاون مع روسيا الاتحادية ويؤكدون على أهمية الوحدة والتضامن والحوار في حل مشاكل العالم والحفاظ على الأمن والاستقرار. وتلعب المنظمات الدولية الرائدة، بما في ذلك مجموعة الـ "بريكس"، دوراً رئيسياً في هذه العملية. ومنذ يناير (كانون الثاني) من هذا العام، انضمت إلى المجموعة 5 دول أخرى، بما في ذلك دول إسلامية مثل مصر وإيران والإمارات والسعودية. وفي عام 2024، ستتولى روسيا رئاسة الـ "بريكس" وستنظم أكثر من مائتي فعالية في هذا الصدد. ومن بين هذه الاجتماعات، ستستضيف تتارستان حوالي 20 اجتماعًا رئيسيًا، بما في ذلك قمة رؤساء الدول الأعضاء في مجموعو "بريكس"، بالإضافة إلى اجتماعات بصيغة "بريكس بلس" و"التوعية بريكس"


كما أكد مينيخانوف على ان اليوم، لا تزال الأزمة الأوكرانية تؤثر سلباً للغاية على الأمن العالمي والاقتصاد العالمي. لقد اهتز العالم كله بسبب تدهور الوضع في فلسطين والتوترات بين إيران وإسرائيل. إن المعارك الدامية في قطاع غزة ومقتل عدد كبير من المدنيين لا يمكن إلا أن تثير قلق المسلمين في جميع أنحاء العالم. وفي روسيا، بما في ذلك في تتارستان، تم تنظيم العمل لتقديم المساعدة الإنسانية. نحن نؤيد موقف رئيس بلادنا فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين بشأن أهمية وقف مبكر لإطلاق النار واستئناف التسوية السياسية، التي تنص على إنشاء دولة فلسطين بعضوية الأمم المتحدة.


كما تحدث رئيس مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" عن المشكلة الكبرى في عصرنا - الإرهاب بجميع مظاهره وأشكاله، مذكراً بالهجوم الإرهابي الوحشي الذي وقع في منطقة موسكو في مارس الماضي إذ قال إن "أحد أهداف الإرهاب هو زرع الفتنة بين الأديان والأعراق، إذ يحاول الإرهابيون وعملاؤهم الاختباء وراء ديننا ويستمرون في فرض الصورة النمطية لـ  "الإرهابي المسلم" على المجتمع الدولي. وفي هذا الصدد، أكد رستم مينيخانوف على أهمية المكافحة الحاسمة لهذه الايديولوجية المدمرة وإظهار الطبيعة السلمية والإبداعية للإسلام. لا سيّما في سياق التغيرات الديناميكية على نطاق عالمي، والتي لا تغطي السياسة والاقتصاد والمجال الاستراتيجي العسكري فحسب، بل تشمل أيضاً الحياة الثقافية والأخلاقية والروحية لمعظم البلدان على خلفية تهديد غير مسبوق للأمن على الصعيد العالمي. 


وأضاف: "من المؤسف أن الغرب الجماعي يحاول استبدال القانون الدولي بنظام يتكون من قواعد معينة تركز على مصالحه الخاصة. في محاولته للحفاظ على مركزه المهيمن، يستخدم الغرب مجموعة متنوعة من أشكال الضغط: الحروب، والعقوبات، والابتزاز، والأنواع الحديثة من الاستعمار الجديد. وبدلاً من ذلك، يجب على القوى السليمة في العالم مواجهة ذلك بنموذج لنظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب، ولا يمكن تفسير ظهور خطوط تقسيم جديدة بالمواجهة العسكرية السياسية والتنافس الاقتصادي فحسب، بل وأيضاً بعدم توافق المبادئ الأخلاقية المختلفة والأولويات الثقافية. ترتبط هذه المبادئ التوجيهية ارتباطاً مباشراً بالأمن، الذي لا يشمل ضمان استقرار النظام السياسي والإمكانات الاقتصادية والقوة الدفاعية للبلاد فحسب، بل يشمل كذلك الحفاظ على القيم التقليدية وتطويرها، إذ تشكل جوهر أسلوب حياة المواطنين".

 

واختتم رستم مينيخانوف كلمته قائلاً: "أما فيما يتعلق بالقيم الروحية والأخلاقية الأساسية، فإن الأرثوذكسية والإسلام يحتلان مواقف متشابهة أو قريبة. ويتعلق هذا على وجه الخصوص بمجال حقوق الإنسان والمبادئ الأساسية للعلاقات الأسرية. أنا على ثقة من أن التفاعل الإيجابي والشراكة بين روسيا والعالم الإسلامي سيقدم مساهمة مهمة في ضمان التنمية الآمنة في ظل ظروف نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب".


تتحرك الدول الإسلامية بشكل متزايد إلى ما هو أبعد من السياسة الإقليمية وتشارك في حل القضايا العالمية. وقد عبر عن هذا الرأي نائب رئيس مجلس الاتحاد قنسطنطين كوساتشيف في كلمته.


وقال كوساتشيف إن "روسيا ستواصل الحوار مع شركائها من العالم الإسلامي بشأن تشكيل نظام شامل للحوكمة العالمية. إن الغالبية العظمى من الدول الإسلامية في آسيا وافريقيا هي أصدقائنا منذ زمن طويل. إنهم يرفعون من مكانتهم على نحو متزايد في الشؤون العالمية، ويذهبون إلى ما هو أبعد من السياسة الإقليمية البحتة ويظهرون اهتماماً بالمشاركة في حل المشاكل العالمية. ومن جانبنا، فإننا ندعم الدور الرائد في الشؤون الإقليمية لجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكذلك منظمة التعاون الإسلامي، التي تنوب عن العالم الإسلامي برمته وإنها ذات طبيعة عابرة للأقاليم"، مشيراً إلى أن "روسيا ستواصل دعم البلدان للعب دور متزايد الأهمية في حل المشاكل الرئيسية في عصرنا".


من جانبه أعرب رئيس لجنة مجلس الـ "دوما" للشؤون الدولية في روسيا الاتحادية - ليونيد سلوتسكي في كلمته عن تقديره الكبير للتعاون النشط من تتارستان مع الشركاء الأجانب، وأعرب عن امتنانه للمساهمة الشخصية لرئيس الجمهورية رستم مينيخانوف، إذ نوّه بأن تتارستان تتعاون بنشاط مع الدول الأخرى كجزء من بناء هيكل عالمي مستقر وآمن للقرن الحادي والعشرين، مما يساعد على تعزيز التعاون الدولي.


كما سلط ليونيد سلوتسكي الضوء على جهود تتارستان في تنظيم المؤتمرات والندوات بمشاركة الطلاب والخبراء ورؤساء الدول بهدف تحقيق هذا الهدف: "أصبحت تتارستان نموذجًا لمناطق أخرى من روسيا في تنفيذ المشاريع الدولية". إلى ذلك، أكد سلوتسكي على الأنشطة الدولية النشطة لكل من رئيس تتارستان الأول مينتيمير شايمييف ورئيس الجمهورية الحالي رستم نورغاليفيتش مينيخانوف، مشيراً إلى زيارات العمل المستمرة التي يقوم بها الأخير إلى دول مختلفة، مثل تركمانستان الإمارات وغامبيا .


كما بعث بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل تحياته إلى المشاركين في الجلسة العامة لمجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" وقرأ مطران فولوكولامسك نصها في الاجتماع  وجاء فيها:

أرحب بحرارة بكل من اجتمع اليوم في قازان لتبادل وجهات النظر حول القضايا المتعلقة بالعلاقات بين روسيا والعالم الإسلامي. ومن دواعي السرور أن هذه العلاقات ليس لها مضمون عملي خاص فحسب، بل لها بعد روحي مهم أيضا. إن موضوع هذا الاجتماع - "نظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب وتنمية آمنة"، يعكس بدقة شديدة تطلعات غالبية سكان العالم، الذين يريدون العيش في مجتمع عادل وحر قائم على مبادئ الاحترام المتبادل والمساواة والثقة مع الحفاظ على الالتزام بالقيم الأخلاقية التي لا تتغير والشهادة على أهمية الإيمان الديني في حياة الناس. تقاوم روسيا والدول الإسلامية بشكل مشترك هجمة الايديولوجية العلمانية، والدعاية للظواهر الخاطئة والنسبية الأخلاقية، التي، في جوهرها، لا شيء أكثر من مجرد نتيجة لرفض الرب ووصاياه. منذ أكثر من ألف عام، اختار الشعب الروسي الأرثوذكسية كأساس لدولته وتطوره الثقافي، وفي بولغار، قبل ذلك بقليل، تم الاختيار لصالح الإسلام. هنا، على أرض تتارستان المباركة، يمتزجان بشكل وثيق، ولهما أساس قيم مشترك ومبادئ توجيهية أخلاقية تساعدنا على النظر إلى أشياء كثيرة بنفس الطريقة وإيجاد إجابات للتحديات الصعبة في عصرنا بنجاح ونأمل في استمرار التفاعل الجيد بيننا، وأتمنى لجميع المشاركين في الاجتماع عملا هادفا ومثمرا.


وأكد المفتي الأعلى ورئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا - طلعت تاج الدين في كلمته أن المنتدى سيعمل بلا شك على تعزيز علاقات روسيا مع الدول الإسلامية، وتعزيز السلام والوئام بين الأديان والأعراق، وتطوير فرص جديدة للتفاعل بين المسلمين في ظل الوضع المتغير بسرعة في العالم.


وبشكل منفصل، ركز الزعيم الديني على الوضع في جميع أنحاء فلسطين إذ قال إن "الصراع الذي اندلع بقوة متجددة في الأراضي المقدسة حول دار السلام - القدس في فلسطين، يتردد صداه في قلوبنا بألم شديد وحزن كبير. مما لا شك فيه أن أساس هذا الصراع هو الظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 70 عاماً، الذي لم يتم خلاله تنفيذ قرار الأمم المتحدة بشأن إنشاء دولتين - إسرائيل وفلسطين. إن التطور المستمر للمواجهة بين الجانبين لم يؤد فقط إلى انتهاك كافة أعراف القانون الدولي، بل أدى أيضاً إلى أعراف العلاقات بين الشعوب والدول، وإلى استخدام أساليب النضال البربرية، عندما يعانون ويموتون السكان المدنيين وخصوصا النساء والأطفال وليس بالعشرات والمئات فحسب، بل بالآلاف أيضا. اليوم، عندما يغلي العالم كله، يجب على شعوب ودول العالم، جميعنا، أن نقدم مساهمة جديرة بالاهتمام في الحفاظ على السلام وتأكيد قيم الحياة. إنه لمن واجبنا أن ندعو أطراف النزاع إلى الوقف الفوري للأعمال العدوانية، وإطلاق سراح الرهائن، ومنع تصعيد النزاع وموت ومعاناة السكان المدنيين. إننا ندعو المجتمع الدولي ودول العالم الإسلامي إلى دعم جهود روسيا للاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو كامل العضوية في المنظمة من قِبَل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبذل كل جهد لاستعادة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط". 


وأشار رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا - راويل عين الدين في كلمته إلى رمزية عقد مثل هذه الأحداث الدولية واسعة النطاق في عاصمة تتارستان وقال: "يندهش زوار قازان دائماً من قرب المساجد والكنائس المسيحية الأرثوذكسية والمعابد اليهودية والكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية القديمة في الشوارع. وهذا يخلق جواً خاصاً من السلام بين الأديان في تتارستان ويضع هذا المعيار العالي للصداقة بين ممثلي مختلف الأديان والمجموعات العرقية في روسيا المتعددة القوميات، ونتمنى أن يتم استعارة هذا المثال في بلدان مختلفة من العالم".


وقال الزعيم الديني إن هناك اليوم في السلطة في إسرائيل حزب حرب يرتكب بشكل منهجي أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني. تحاول دول مختلفة، بما في ذلك روسيا ودول العالم الإسلامي، وقف التدمير الشامل لشعب بأكمله. وفي 10 مايو من هذا العام، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوسيع حقوق فلسطين في هذه المنظمة الدولية، واقترحت مرة أخرى أن ينظر مجلس الأمن بشكل إيجابي في مسألة العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، وتم اعتماد القرار بتصويت 143 دولة، وأضاف: "نحن نعرف بالضبط من في مجلس الأمن الذي يستخدم حق النقض ضد مثل هذه القرارات، ومن الذي يحجب رأي العشرات والمئات من الدول حول العالم بغطرسة. لقد اشتهرت فلسطين ولبنان وسوريا والعراق ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط دائما بالوئام بين الأديان، إذ وجد ممثلو الاتجاهات والحركات المختلفة للإسلام والمسيحية واليهودية على مر القرون نقاط اتصال مشتركة وعاشوا بشكل عام بسلام".


واختتم راويل عين الدين كلمته قائلا: "لم تنتهج روسيا قط سياسة استعمارية في الشرق الأوسط، ولم تحرض أبداً الشعوب ضد بعضها البعض، ولم تحاول أبدًا انتزاع كل الموارد من هذه المناطق مقابل لا شيء تقريبا. وتدعو موسكو قادة دول الشرق الأوسط على مختلف المستويات إلى مقاومة الاستفزازات بشكل مشترك حتى يسود السلام والأمن الذي طال انتظاره في المنطقة. وفي إحدى خطاباته، أشار الرئيس فلاديمير بوتين إلى أن روسيا تقدر العلاقات الودية مع الدول الإسلامية وتقدر بشدة رغبتها في اتباع سياسة خارجية مستقلة وزيادة دورها في الشؤون الدولية. إننا نشهد حقيقة أن المزيد والمزيد من العواصم العالمية والإقليمية الجديدة مستعدة لرفع أصواتها وإعلان نفسها كأقطاب جديدة لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب. ومن دواعي السرور أن تلعب دول العالم الإسلامي دورًا خاصًا بين هذه البلدان".


ونقل رئيس المجلس العالمي للمجتمعات الإسلامية - علي راشد النعيمي في كلمته تحيات قيادة دولة الإمارات إلى المشاركين في الاجتماع، وأكد أن الشراكة بين روسيا والعالم الإسلامي هي تعاون كامل وشامل. وقال النعيمي: "علينا أن نقيم أهمية مثل هذه اللقاءات، ولكن يجب أن نتحدث أيضاً ونطرح مبادرات وخطط ومشاريع جديدة تعبيراً عن شراكتنا الاستراتيجية".


وقال: "اليوم نتحدث عن نظام عالمي متعدد الأقطاب. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال الإرادة السياسية. يجب علينا أن نفعل كل شيء لضمان أن تتجسد تنمية بلداننا في صعود وتنمية رفاهية مواطنينا والرغبة في الاستقلال الحقيقي من أجل إنشاء نظام متعدد الأقطاب. ويجب أن نفعل ذلك ليس فقط من خلال البيانات والبيانات، ولكن أيضاً من خلال مبادرات محددة يمكن أن تطرحها روسيا ودول العالم الإسلامي. بادئ ذي بدء، كل هذا يجب أن يعزز تفاعلنا وشراكتنا الاقتصادية وترجمة هذه الأفكار إلى أنواع أخرى من الشراكة. وهذا من شأنه بطبيعة الحال أن يعزز اندماجنا في المجالات الأخرى، في القرارات السياسية وفي تعزيز استقلالنا الوطني، مع مراعاة العوامل الوطنية. كما أن المبادرات في مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية وسياسة الشباب مهمة أيضاً، وهذا لا يمكن أن يتم إلا إذا سلكنا طريق الشراكة الاقتصادية".


وشدد النعيمي على أن الإجتماع اليوم يقدم مساهمة حقيقية في هذه القضايا، مؤكداً على وجود قوى تخلق أزمات معينة بشكل مصطنع، مما يؤثر سلباً على الرغبة العامة في خلق الشراكات. وأضاف: "من المهم أن نضع في اعتبارنا أن أزمات الأمس تختلف عن أزمات اليوم، ومن المهم أيضاً أن ننظر في الكيفية التي يمكن بها للرؤية الاستراتيجية المشتركة أن تلعب دوراً في بناء عالم جديد، لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نتجاهل الأزمات، وعلينا أن نفعل كل شيء للتصدي لها. كثيرا ما نتعامل مع هذه الأزمات بطريقة تقليدية، لكن العالم كله اليوم يتفهم معاناة الشعب الفلسطيني. يجب علينا أن نفعل المزيد. نريد أن يقف العالم أجمع مع الشعب الفلسطيني، حتى يشعر الشعب الفلسطيني أن حياته هي اهتمامنا، وأن تكريمه واحترامه يجب أن يكون في المقدمة. ولذلك لا ينبغي أن نقتصر على البيانات والتصريحات فحسب، بل يجب أن ننفذ أفكارنا من أجل دعم الشعب الفلسطيني الذي يحتاج اليوم إلى الغذاء والدواء والرعاية الطبية والحياة الكريمة. وعلينا أن نفعل كل شيء للوقوف مع الشعب الفلسطيني ودعم رغبته في إنشاء دولته المستقلة. وعلينا أن نفعل كل ما في وسعنا لتحويل بياناتنا وإعلاناتنا إلى خطوات حقيقية لدعم الشعب الفلسطيني. وعلينا أن ندعمه بالأفعال، وليس فقط بالأقوال".


ووجه رئيس هيئة رئاسة السياسة الخارجية والدفاع لروسيا، مدير عمل مؤسسة التنمية والدعم في نادي "فالداي" الدولي للحوار - فيودور لوكيانوف، في كلمته سؤالاً حول معنى مفهوم عالم متعدد الأقطاب وقال إن "مفهوم التعددية القطبية في حياتنا اليومية، الروسية، وإذا جاز التعبير، العالم، جاء بالفعل في تفسير جديد، في التسعينيات، وكان أحد مؤسسي هذا النهج الجديد هو يفغيني ماكسيموفيتش بريماكوف، المذكور هنا أكثر من مرة، الذي، في الواقع، قدم هذا المفهوم. ولكن، في رأيي، يجب على المرء أن يفهم بوضوح شديد أنه في تلك الفترة ولفترة طويلة من الزمن، في منتصف التسعينيات وحتى نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان يُفهم التعددية القطبية في المقام الأول على أنها معارضة، كما تطرق لوكيانوف إلى الهيمنة التي نشأت في عالم ما بعد الحرب الباردة.


وبحسب فيودور لوكيانوف أيضاً فإنه مع قدوم عصر جديد، ربما لن يكون مفهوم "القوة العظمى" موجوداً، بسبب ظهور دول كبيرة ومتوسطة ، وأحيانا حتى صغيرة، تتمتع بقدرة أو بأخرى على التأثير في العالم. "وبهذا المعنى، يبدو لي أن روسيا والعالم الإسلامي قادران على أن يصبحا القادة الفكريين لهذا الفهم الجديد تمامًا، وغير الغربي، وإلى حد ما، غير القطبي للوضع الدولي الجديد"، كما ذكّر الحاضرين بخطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتدى "فالداي" في عام 2023، حيث حدد رئيس الدولة الروسية ستة مبادئ حول الكيفية التي ترغب بها روسيا في رؤية العالم يتطور الانفتاح وغياب الحواجز، التنوع، اتخاذ القرار بشكل جماعي من قبل المهتمين والمشاركين في مشاكل معينة، الأمن غير القابل للتجزئة، العدالة المرتبطة بالقيم والتقاليد الوطنية لكل شعب وبلد، المساواة الفردية لكل دولة وكل أمة.


وأختتم كلمته لوكيانوف قائلاً إن "كلاً من روسيا والعالم الإسلامي، بحكم تعريفهما، مجتمعان متنوعان للغاية. ليس النهج الغربي كقطب الهيمنة الرئيسية، ولكن تقاليدنا هي التي يمكن أن تعطي رؤية جديدة لكيفية عمل العالم في العقود المقبلة".


وهنأ مدير المجلس المصري للشؤون الدولية، السفير فوق العادة والمفوض لجمهورية مصر العربية وأحد أعضاء مجموعة الرؤية الإستراتيجية - عزت سعد، في كلمته، الشعب الروسي بأكمله والقيادة الروسية على الذكرى الـ 79 للانتصار على النازية. وأشار المتحدث إلى انهيار الآمال لدى الولايات المتحدة في بناء نظام عالمي جديد عادل، وهو ما يتجلى في سياق تدهور العلاقات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الدولة."إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي مجرد مجموعة من التحديات الجديدة التي تتطلب حلولاً عسكرية. ولماذا وكيف حدث ذلك، نرى في مثال انهيار سياساتهم تجاه أفغانستان واليمن وعدم القدرة على حل الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل"، ووفقا لسعد، فإنه حتى المحللون الأمريكيون يقولون إن الولايات المتحدة لم ترتكب قط الكثير من الأخطاء السياسية في الإجراءات التي اتخذتها. وهذا يؤدي إلى أن الولايات المتحدة، تعبيراً عن عجزها، تضطر إلى استخدام حق النقض بشكل مستمر، كما في مثال محاولة حل الأزمة المتعلقة بقطاع غزة.


وأضاف: "إن سياسة الدعم الأحادي الجانب لإسرائيل والعداء تجاه إيران لا تحقق أي نتائج إيجابية. وينعكس هذا في الوضع في أوكرانيا". وقال عزت سعد إن سياسة الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل أدت إلى تطور كارثي للأحداث في فلسطين، مشيراً إلى أن مثل هذه السياسة أدت إلى ارتفاع مشاعر المعارضة في الجامعات الأمريكية وبين الشباب الأمريكي، "وعلاوة على ذلك، تحاول الإدارة الأمريكية إجبار الصحفيين وممثلي وسائل الإعلام على عدم استخدام كلمات مثل "إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني" ونحوها في مقالاتهم وخطباتهم". وبحسب سعد فإن هناك ضغوطا واضحة من الإدارة الأميركية على حرية الرأين منوّهاً بأن "خطاب روسيا والصين الداعم لشعوب الشرق الأوسط يشير إلى أن أكبر دول العالم والمنطقة بأكملها تعارض السياسات الحالية للغرب والولايات المتحدة، وإقامة تحالفات جديدة داخل هذه الدول. وهذا يدل على القوة المتنامية للدول التي ترغب في التطور بشكل مستقل، وقد سبقني بالحديث عن هذا الأمر كل من السيد مينيخانوف والسيد لوكيانوف". 


وقال المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الـ إيسيسكو) - سالم بن محمد المالك، في كلمته، إن للمنظمة والمجموعة اهتمامات مشتركة في تعزيز التواصل والتعاون ووضع استراتيجيات ملموسة لتوفير الفرص للشباب. وذكّر المالك بالزيارات الثنائية التي تمت عام 2023 بين ممثلي الـ إيسيسكو وتتارستان، التي تشير إلى مستوى جديد من التعاون، خاصة في شؤون سياسة الشباب، مشيراً إلى أن "نعتقد أن التعاون مع المجموعة بشكل خاص، ومع الاتحاد الروسي بشكل عام، يمثل فرصة ممتازة لاستخدام مواردنا ونقاط قوتنا لمواجهة التحديات الحالية وتعزيز التجارة والاستثمار والتبادل الثقافي والتفاهم المتبادل، وكذلك توفير منصة للحوار البناء. وان إنشاء علاقات قوية والحفاظ عليها يتطلب الثقة والشفافية والالتزام الحقيقي بأهدافنا وقيمنا المشتركة". كما دعا لزيارة مركز معارض قازان إكسبو، حيث نظمت الـ إيسيسكو خلال المنتدى جلسات خاصة حول قضايا تعليم الجيل الجديد من الشباب".


واقترح المالك عقد اجتماع محدد مع الشباب، على غرار ما يجري داخل منصة الدول الأضعاء في مجموعة "بريكس"، من أجل مناقشة التحديات المشتركة التي تواجه الشباب ووضع التوصيات. وفي الختام، أشار إلى أن "روسيا - العالم الإسلامي" تمثل رصيداً هاماً للغاية على الساحة الدولية.


ونقل الممثل الدائم لجمهورية القرم - غيورغي مرادوف تحيات رئيس جمهورية القرم سيرغي أكسينوف ومن جميع مسلمي القرم ، مشيراً إلى أن شعب القرم كان أول من تخلص في القرن الحادي والعشرين من أغلال الأشكال الجديدة من التبعية الاستعمارية، التي ظلت فيها شبه الجزيرة لمدة 23 عاماً، كجزء من أوكرانيا، مشيراً إلى أنه "عندما عادت شبه جزيرة القرم إلى موطنها الأصلي قبل 10 سنوات، تم لم شمل تتار القرم مع عائلاتهم الكبيرة من شعب التتار، الذين أسسوا مع الروس، على مر القرون بلدنا العظيم، الذي ظل لعدة قرون يحافظ على وتطوير اللغات والثقافات والتقاليد الوطنية لشعوبها العديدة. وأكد المتحدث أن هذا الموقف تجاه تتار شبه جزيرة القرم يختلف بشكل حاد عما عاشوه كجزء من أوكرانيا.


وأشار غيورغي مرادوف إلى أنه بعد عودته إلى وطنه روسيا، تم الاعتراف على الفور باللغة التتارية القرمية في شبه جزيرة القرم باعتبارها لغة الدولة. كما تم تأسيس دورة كاملة من نظام التعليم باللغة التتارية القرمية. دخل تتار القرم إلى جميع هيئات السلطة الجمهورية. تم تنظيم العمل الإعلامي باللغة التترية القرمية. بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق برنامج واسع النطاق لترميم الأضرحة الإسلامية وبناء أضرحة جديدة.


وقال إن "الطريقة الأكثر فعالية لرؤية حقيقة هذه الإنجازات هي زيارة شبه جزيرة القرم الروسية، حيث يعيش المسلمون في سلام ووئام مع أتباع الديانات الأخرى. ولذلك، فإننا كحكومة نؤيد فكرة الإدارة الدينية لمسلمي القرم بدعوة ممثلي قيادات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للمشاركة في افتتاح مسجد الجامع في سيمفيروبول وسنعلن ذلك رسميا". كما أكد على أن مراكز المعلومات الغربية، التي تنشر أخبارا كاذبة عن القمع المزعوم لتتار القرم في شبه جزيرة القرم وتحاول إسكات إنجازات مسلمي القرم، لم يسبق لها أن زارت شبه جزيرة القرم بنفسها وترفض زيارتها والتعرف على الحياة العصرية للمسلمين في شبه جزيرة القرم، "ونؤكد مرة أخرى استعدادنا لمناقشة أي قضايا تهم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في ما يتعلق بشبه جزيرة القرم. إننا نطلب منكم، أيها الأصدقاء، بشدة عدم دعم القرارات السلبية بشأن هذه القضايا التي وضعها الغرب في مختلف منصات المنظمات الدولية وسنكون ممتنين لك على هذا".

 

وفي نهاية كلمته، أعلن مرادوف عن استعداد مجلس وزراء جمهورية القرم، ومسلمي القرم، لتطوير علاقات متنوعة مع دول منظمة التعاون الإسلامي، بدءً ببناء السفن المختلفة في أحواض بناء السفن لدينا، والتصدير من المعدات الميكانيكية الفريدة وتنتهي بتوريد السلع الزراعية بما في ذلك المنتجات الحلال. وفي إشارة إلى القرب الجغرافي لشبه جزيرة القرم من الشرق الأوسط وشمال افريقيا وتركيا، أعرب مرادوف عن أمله في إقامة روابط نقل قوية مع الدول المجاورة.


أعلن الأمين العام للمنظمة العالمية للتقارب بين المذاهب (إيران)، حامد حولي شاخرياري، عن ظهور نظام عالمي جديد، سيحل حتماً محل النظام القديم، وقال: "أود أن أقول بضع كلمات عن العملية التي أطلق عليها اسم طوفان الأقصى. إنها انتفاضة الشعب الفلسطيني ضد المحتلين. وعلينا أن نوحد قوانا لمساعدة الشعب الفلسطيني. ونعتقد أن هذه العملية شكلت تحدياً حقيقياً لقوى العدوان، وقوى الرجعية، وقوى الصهيونية، ولكننا نعلم أن مئات الآلاف من الأشخاص قتلوا نتيجة العمل العسكري، وعلينا أن نرفع أصواتنا". ودعا الشهرياري إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لمساعدة الشعب الفلسطيني، وأشار إلى أن السبيل الوحيد هو مواجهة هذه القوى في تنظيم حركة مشتركة على مستوى العالم الإسلامي وروسيا والصين.


وأختتم شاخرياري حديثه قائلا: "نحن نؤمن بأن مستقبل العالم ملك لنا، وعلينا مسؤولية كبيرة في هذا الصدد. والآن يجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لمواجهة عدونا. هذه المواجهة، هذا الصراع مستمر منذ قرون، والجرائم التي يرتكبها الصهاينة معروفة للجميع. لذلك، يجب علينا، وأكرر مرة أخرى، أن نوحد جهودنا ونقاوم القوى التي تؤجج الحروب والصراعات في عالمنا". 


وقال رئيس الهيئة الدينية لمسلمي روسيا، المفتي ألبير كرغانوف، في كلمته، إن المساعدة المتبادلة هي قوة مشتركة ومفتاح النجاح. "فقط فكر في الأمر، لقد تحمل المتطرفون غير المهزومين المتحصنين في أفغانستان، والذين يطلقون على أنفسهم اسم دولة خراسان الإسلامية، المسؤولية عن الهجوم الإرهابي الوحشي على قاعة "كروكوس سيتي"، والذي صدم روسيا في مارس/آذار من هذا العام. وقد أودت هذه الجريمة بحياة أكثر من مائة شخص بريء وأصبحت تحديا ليس للمجتمع الروسي فحسب، بل للعالم أجمع. ومن المعروف بالفعل أن القيمين الغربيين على المتشددين ساعدوا في تنظيمها، وهم على استعداد لفعل أي شيء لزعزعة استقرار الوضع في روسيا، لمجرد أن بلادنا تجرأت على تحدي طموحاتهم الاستعمارية الجديدة"، وأعلن المفتي عن ضرورة الرد على مثل هذه التحديات بالوحدة والتضامن.


وتحدث ألبير كرغانوف أيضًا عن المركز الثقافي والتعليمي الديني المشترك بين الأديان الذي يتم إنشاؤه في موسكو - وهو مجمع واسع النطاق مصمم لتوحيد الديانات التقليدية في روسيا: المسيحية والإسلام واليهودية والبوذية.


وأختتم كرغانوف كلمته بالقول: "أما بالنسبة للمساجد والكنائس والمعابد اليهودية، فقد قمنا في العصر الروسي الحديث ببناء العديد من المؤسسات المماثلة التي لم يتم بناؤها من قبل في الفترة السابقة من التاريخ الروسي. تم بناء آلاف المساجد في جميع أنحاء البلاد. عندما أتحدث مع أصدقائي وزملائي من الدول العربية، فإنهم لا يصدقون ذلك. وهذا يظهر شي من الخيال. لكن العملية مستمرة وستستمر بالنسبة لجميع معتقداتنا التقليدية، لأن هذا هو المكان الذي يتلقى فيه الناس الدعم الروحي، وهذا مهم بالنسبة للدولة ".
ووصف رئيس المحكمة العُليا الفلسطينية - محمود صدقي كلمته بأنها رسالة للشعب  الفلسطيني وقال: "يوم أمس الـ 15 من مايو/ايار احتفل الشعب الفلسطيني، بذكرى يوم النكبة 1948. والآن، بينما يتذكر الفلسطينيون هذه الكارثة، فإنهم يعيشون تجربة جديدة. وهذه كارثة قتلت أو جرحت أكثر من 120 ألف إنسان في قطاع غزة. تم تدمير أكثر من 70% من البنية التحتية في غزة. مئات المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات والمنازل. ودمر أكثر من 370 ألف مبنى سكني. أكثر من مليون ونصف المليون شخص فقدوا منازلهم. ويعيش الكثير منهم محرومين من كل شيء تقريباً وهذا يحدث في عالم تدعي الولايات المتحدة أنها تقوده"- وحمل الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن ضحايا الشعب الفلسطيني.


وأضاف أن "العالم الإسلامي قادر على أن يكون قوة عالمية، لأنه يمتلك احتياطيات طبيعية هائلة. ويوحدها دين واحد، وإقليم واحد. إنها منطقة شاسعة بالتعاون مع الصين وروسيا من أجل إقامة عالم قائم على العدالة. وهذا ما نحتاجه في فلسطين. لن نرفع الراية البيضاء ولن نستسلم. سندافع عن حقوقنا حتى النهاية. نحن نؤمن بأن العالم الحر بأكمله، الحر حقاً، سيقف إلى جانبنا. وعلى الرغم من العنف المفروض علينا، فإن العدالة ستظل هي السائدة. أشكركم على اهتمامكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
كما رحب وزير حكومة منطقة سمارا - دميتري بوغدانوف بالمشاركين نيابة عن حاكم منطقة سمارا - دميتري أزاروف والحكومة الإقليمية، وأعرب أيضاً عن احترامه لـ مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"، مشيرا إلى أن منطقة سامارا هي واحدة من أكبر المناطق المتقدمة اقتصاديا في روسيا الاتحادية، في حين أن 10٪ من المواطنين يعتنقون الإسلام. وتعيش 157 قومية في المنطقة في سلام وصداقة، وهذا وضع فريد من نوعه عندما يتعايش عدد كبير من القوميات والأديان والأشخاص الذين يصنعون مستقبل بلدنا دون صراع لفترة طويلة. وقال: "لكن في الظروف الجيوسياسية الحالية، فإن عالم متعدد الأقطاب مع الاحترام المتبادل هو الفلسفة السليمة الوحيدة"، وأكد أن روسيا، جنباً إلى جنب مع دول العالم الإسلامي، تفكر وتتصرف معا. وفي الوقت نفسه، أعرب المتحدث عن ثقته في أن أهم نقاط التقارب والصداقة يمكن أن تكون العمل الأكثر نشاطا في مشاريع محددة وسلط الضوء على عدة مجالات. وتشمل هذه: العلاقات بين الثقافات، والاستثمارات المشتركة مع أنظمة ضريبية خاصة، وتطوير طرق النقل الآمنة، وكذلك تدريب المتخصصين والعلماء الشباب، والسياحة التعليمية. وخلص المتحدث إلى أن "سامارا، وجميع مناطق روسيا الأخرى مستعدة لفتح صفحة جديدة في تطوير العلاقات وتسريع هذا العمل".


وركز رئيس المنظمة الإسلامية العامة "المحمدية"، أستاذ الجامعة الإسلامية الوطنية في جاكرتا - دين شمس الدين، في كلمته على موضوع التعاون والتقارب بين روسيا ودول العالم الإسلامي باعتباره مهمة مهمة لصندوق الحرية. وقال المتحدث إن المهمة تتمثل في توسيع التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة، وضرب مثالاً على دعم القضية الفلسطينية العادلة والموقف الروسي على الساحة الدولية. الاتصالات بين روسيا والعالم الإسلامي ليست نشطة ومكثفة بما فيه الكفاية، وفقاً لشمس الدين، نظراً لوجود مشكلة في التقارب بين الأمم المختلفة.


واسترسل بالقول: "نحن نحاول أن نوضح أن دين الإسلام هو دين السلام ولا يهدد أحداً أو أي ديانة أخرى. التغيرات التي تحدث الآن في العالم، حيث أصبحت الولايات المتحدة تهدد الأمن القومي للدول الأخرى، خاصة بعد حدث 2001. إن ما يُسمى بالحرب ضد الإرهاب تبين أنها حرب ضد الإسلام وأدت إلى صراع الحضارات. تستخدم الولايات المتحدة القوة كأداة، أداة لحل حالات الصراع. وشدد المتحدث على أن هذا النهج، في اتصالاته مع العالم الإسلامي، يخلق الانطباع بأن الولايات المتحدة تستخدم الحرب ضد الإرهاب، للتغطية على موقفها الحقيقي تجاه الدول الإسلامية"، وهكذا، يتم إنشاء فرصة لروسيا الاتحادية لتصبح شريكا استراتيجيا للعالم الإسلامي، والعمل كدولة قادرة على تحقيق التوازن في الوضع في العالم.


وقال: "ليس علينا أن نرى بعضنا البعض كمعارضة ثنائية. بل على العكس من ذلك، يجب أن نكون عماد الحضارة العالمية". وقال شمس الدين: "يجب النظر إلى الإسلام وروسيا كقوتين يكملان بعضهما البعض ويضمنان سلامة مستقبل البشرية". ووفقا لشمس الدين، ينبغي إزالة الرغبة في الهيمنة تماما من السياسة الخارجية لجميع البلدان. إن بناء عالم أفضل يتطلب تغييرات لن تأتي بين عشية وضحاها. واختتم كلمته قائلا: "علينا أن نفكر في كل الخطوات التالية. ومن المهم جداً أن نبني الجسور بين روسيا الاتحادية والعالم الإسلامي من خلال الحفاظ على قيمنا".


ونقل مستشار رئيس جمهورية أوزبكستان لقضايا التفاعل مع المنظمات العامة والدينية - مظفر كاملوف، في بداية كلمته، نيابة عن رئيس جمهورية أوزبكستان - شوكت مرومانوفيتش ميرزيوييف، أطيب التمنيات والاحترام الكبير. وأشار المتحدث إلى التطور المستمر لعلاقات التعاون متبادلة المنفعة بين أوزبكستان وروسيا في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية والإنسانية وغيرها من المجالات. وأضاف: «كانت أوزبكستان في مختلف العصور التاريخية أحد المراكز الثقافية والتعليمية التي عززت مبادئ الكرم والتسامح والاعتدال. إن مبدأ التعاليم الإسلامية المعتدلة والكرم، الذي تم إدخاله في أذهان طلاب معهد طشقند الإسلامي ومدرسة "مير عرب" في بخارى، قد خلق الأساس لتشكيل مثل هذه الشخصيات الدينية الكبرى والعلماء، والخريجين السابقين لهذه المؤسسات التعليمية العليا، مثل حضرة راويل عين الدين، حضرة طلعت تاج الدين، أحمد قديروف، الله شكر باشازاد. أريد أن أقول بثقة كبيرة أن أوزبكستان الجديدة تتمتع اليوم بخبرة واسعة في ضمان التعايش المتبادل بين ممثلي الأمم والأديان المختلفة على الطريق نحو الأهداف النبيلة المشتركة.


وأضاف: "اليوم، أيها المشاركون الأعزاء في المنتدى، لا شك أن مهامنا الملحة، في ظل الظروف الراهنة للعولمة، تتمثل في إجراء دراسة عميقة لدين الإسلام وأسسه من مصادره الأولية، وإيصال جوهره الإنساني المحب للسلام إلى عامة الناس. ومن هذا المنطلق، يعد هذا المنتدى بمثابة جسر مهم في دعوة الأمة الإسلامية إلى السلام والوئام وتنمية التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإنسانية. دور مهم في نزول الإسلام كدين التنوير والكرم والاعتدال والوئام والسلام". وفي الختام تمنى المتحدث لجميع المشاركين طول العمر والصحة الجيدة والعافية الأسرية وتحقيق نتائج عالية في الأنشطة العلمية والنجاح في أعمال المنتدى.


ونقل مستشار الأمين العام للرابطة الإسلامية العالمية وممثل الرابطة في روسيا - اليوسف أحمد فيصل في كلمته رسالة الدكتور - محمد عبد الحميد العيسى مدير عام المكتب التمثيلي للرابطة الإسلامية العالمية.


وجاء في الكلمة..

نحن الآن في خضم خلق عالم متعدد الأقطاب، ونعمل على تعزيز قيمنا المشتركة. إننا نناضل من أجل تطوير شراكة استراتيجية تقوم على الاحترام المتبادل وعدم قبول المعايير المزدوجة. منذ منتصف القرن الماضي، بدأت العلاقات الدولية الثنائية المثمرة في التطور. وبطبيعة الحال، هناك تراجعات وإخفاقات معينة على هذا المسار، ولكن هناك أيضاً تحرك واضح إلى الأمام والعنف الذي نراه في العالم لا يمكن أن يستمر.


أما الإسلام فهو بالتأكيد دين يعزز تطور الحضارات، وهو دين موجه للعالم أجمع. ويجب على المنظمات الدينية وممثلي الديانات المختلفة تنسيق أنشطتها وتوحيد جهودها على طريق السلام العالمي. ونحن في رابطة العالم الإسلامي نسعى جاهدين للتغلب على الاختلافات في وجهات النظر الموجودة بيننا، حتى لا تضر بمصالحنا المشتركة ونضالنا باسم حقوق الإنسان الحقيقية، وباسم قيم الأديان المختلفة. وقد سجل ذلك في الإعلان الأفريقي الشهير، الذي طرح تلك الأحكام التي يتفق عليها ممثلو مختلف الأديان.


ويجب أن نتحلى بالحكمة وأن نستخدم الخبرة التي تراكمت لدينا في التغلب على التناقضات الموجودة في هذا العالم. وبهذا المعنى، يجب أن نولي اهتماماً خاصاً للتجربة الروسية، حيث يعيش ممثلو الديانات المختلفة في وئام واتفاق كامل، وحيث توجد شراكة حقيقية، ويشترك الجميع في أهداف مشتركة لتحقيق مستقبل سعيد للشعب الروسي بأكمله، إذ تسعى كل من القيادة والشعب إلى ضمان عدم وجود انقسامات أو صراعات. وفي الختام، أود أن أقول إن رابطة العالم الإسلامي تدعم المبادرات الرامية إلى تطوير وتعزيز التعاون والعلاقات بين روسيا والعالم الإسلامي. لا ينبغي أن تكون هناك أي مشاكل في هذه العلاقة. وعلينا أن نظهر التضامن من أجل مصالح البشرية جمعاء. ويجب علينا أن نتصرف بما يتوافق مع القوانين التي أنزلها الله تعالى لنا. وأتمنى للمؤتمر النجاح.


وتمنى رئيس قسم الدول الأوراسية بمكتب الشؤون الدينية في تركيا، صالح جور، نيابة عن الإدارة الدينية بأكملها ورئيسها الدكتور - علي أرباش، كل النجاح لمسلمي روسيا، الذين يتجاوز عددهم 25 مليون نسمة. وقال رئيسنا فخامة الرئيس رجب طيب إردوغان إن التعاون الصادق بين روسيا وتركيا لا يفيد شعبينا فحسب، بل يفيد الإنسانية جمعاء أيضاً، لأن روسيا وتركيا تمثلان حضارات فريدة تاريخيا ومتعددة للغاية. وقال المتحدث إن ممثلي الأمم المختلفة يتعايشون في هذه الحضارات، وأساس هذه الحضارات هو العدل. كما أكد جوهر على ضرورة احترام القيم والمزارات الدينية المشتركة، مما سيسهم في جعل العالم مريحا لجميع الناس.


وأضاف: "نعتقد أن العلاقة الوثيقة بين إدارتنا والإدارة الدينية الروسية للمسلمين هي تعاون مهم للغاية. وخلص المتحدث إلى أن عمل مجموعة الرؤية الاستراتيجية يعد أيضاً إحدى القنوات المهمة لتعزيز العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وبين مسلمي روسيا والدول الإسلامية.


وفي نهاية الجلسة طلب ممثلو دولتيّ بنغلاديش وتونس التحدث، معربين عن تضامنهم مع كلمات المشاركين في الجلسة وعن أملهم في تطوير وتعميق الحوار بين روسيا ودول العالم الإسلامي.


وفي ختام المؤتمر، أشار نائب رئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"، فاريت موخاميتشين، الذي أدار الاجتماع، إلى أن 16 مشاركاً قاموا بالتسجيل في الاجتماع في البداية، ولكن في النهاية تحدث 27 شخصاً، ولهذا السبب تحدث بعض المتحدثين للتحدث لفترة وجيزة.


وكالمعتاد يجمع اجتماع المجموعة تقليديًا بين السياسيين والعلماء والشخصيات العامة والزعماء الدينيين من العديد من دول العالم الإسلامي، مما يؤكد مكانة المجموعة كمنصة فكرية دولية مطلوبة.


واختتم فاريت موخاميتشين جلسة أعمال المؤتمر قائلاً: "إن اجتماعاتنا ومناقشاتنا هي دائمًا انعكاس لأهم العمليات في السياسة العالمية في القرن الحادي والعشرين بكل اكتمالها وتعقيدها. ومن المؤكد أن الجانب الروسي سيأخذ في الاعتبار مواقف الدول الأخرى في ما يتعلق بالتزامها بأفكار التعددية القطبية، وفي الوقت نفسه سيواصل احترام مساراتها التنموية في الإطار الذي يشكل رؤية جديدة لمستقبلنا المشترك".

 

 

مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"