Ru En

خبير يوناني: وضع "آيا صوفيا" ليس قضية دينية

٠٨ يوليو ٢٠٢٠

"إن تغيير وضع كنيسة آيا صوفيا في مدينة اسطنبول التركية وتحويلها من متحف إلى مسجد ليست قضية دينية، كما أن الأمر لا يتعلق بالعلاقات بين المسيحيين والمسلمين، ولكنه سيؤثر على العلاقات بين تركيا واليونان، ومع أوروبا وروسيا، وينبغي على الرئيس رجب طيب أردوغان أن ينظر بجدية إلى هذا الأمر فيما لو كان ينبغي القيام بذلك."، وجاء ذلك بحسب رأي الخبير اليوناني المراقب والرئيس السابق لوكالة أنباء "أثينا"، ميخاليس بسيلوس.

 

يذكر أن الرئيس التركي أردوغان أعلن أنه ينتظر قرار "مجلس الدولة التركي" بشأن إمكانية تغيير وضع "آيا صوفيا" وتحويلها من متحف إلى مسجد وأنه سيتصرف بناء على ذلك.

 

ونظرت المحكمة الإدارية العليا في تركيا - مجلس الدولة – بتاريخ 2 تموز/ يوليو في مسألة تغيير وضع "آيا صوفيا"، ويعتقد مجلس الدولة التركي أن مرسوم رئاسي يكفي لتغيير وضع الكاتدرائية. ومن المتوقع نشر قرار مجلس الدولة في غضون 15 يوما.

 

وأضاف الخبير اليوناني في تصريح لوكالة "ريا نوفوستي": "لا أعتقد أن هذه مشكلة علاقات بين الأرثوذكس والمسلمين. أعتقد أن هذه هي لعبة سياسية من أردوغان. إنه يحاول وضع العقبات أمام العلاقات بين المسيحيين والمسلمين. المسألة هنا ليست ذات بعد ديني."

 

وبيّن الباحث اليوناني أن "موقع آيا صوفيا يجب أن يبقى على لائحة مواقع التراث العالمي".

 

وفي رأيه، هذه هي سياسة أردوغان الداخلية بهدف الحصول على "مجتمع إسلامي محافظ" والذي سوف يصوت له.

 

وأكد الخبير بسيلوس أن تحويل المتحف إلى مسجد "سيضر بالتأكيد" العلاقات بين اليونان وتركيا. "بالطبع، سوف يضر. هذه الحركات التي تبذل، في الواقع، لا تضر فقط بمصالح البلد، ولكن تؤثر بشكل سلبي بشكل رئيسي على العواطف والرأي العام.

 

وقال: "أعتقد أن مثل هذا التغيير سيؤدي إلى اتجاه أكثر عدائية، أود أن أقول، في الرأي العام اليوناني بشأن تركيا، لأن آيا صوفيا هي أحد مواقع التراث العالمي ويجب أن تبقى على هذا النحو، لا أعرف كيف سيدير السياسيون الوضع، ولكن بالطبع سيؤثر ذلك على الرأي العام بشكل سلبي للغاية."

 

وأشار إلى أن "آيا صوفيا" مدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

 

مبينا: "أصبحت آيا صوفيا متحفا في عام 1935، بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، بقرار من رئيس تركيا آنذاك كمال أتاتورك. وفي عام 1982، وقعت تركيا على اتفاقية اليونسكو الدولية بشأن التراث الثقافي، التي صدق عليها البرلمان بعد ذلك بثلاث سنوات والتي تنص على أن المنطقة التاريخية بأكملها في إسطنبول تنتمي إلى "إن التراث الثقافي لليونسكو واستنادا إلى بيانات وحالة اليونسكو، لا يمكن تغيير حالة المتحف وموقع التراث العالمي هذا بأي شكل من الأشكال".

 

وفي رأيه، ترتبط تصريحات أردوغان حول خطط تحويل المتحف إلى مسجد بالوضع السياسي الداخلي.

 

وأضاف في تصريحه لوكالة "ريا نوفوستي": "لسوء الحظ، فإن أردوغان بعد ترددات عديدة والحالية هي ليس الأخيرة، يتجه كما يبدو إلى تحويل المتحف إلى مسجد. من الممكن أن يتم الإعلان عن ذلك في 15 يوليو، مع الذكرى الرابعة لمحاولة الانقلاب، لسببين رئيسيين: الأول هو أنه يريد إرضاء ناخبيه، ويرى أردوغان مع الأسف أن الناخبين الأتراك ابتعدوا عنه، وخسر الانتخابات البلدية في المدن الكبرى، وثانيا أنه رأى من استطلاعات الرأي أن الأمور لا تسير على ما يرام، وفي الواقع، بالنسبة إلى ناخبيهم، الذين يشكلون الأغلبية قال الخبير: "مع شعبه المحافظ والإسلاميين المتدينين، هو يرمي حجر النرد ليثبت أنه في النهاية سيحول آيا صوفيا إلى مسجد ويحصل على أصواتهم".

 

الباحث بسيلوس متأكد من أن مثل هذا التطور للأحداث لن يؤثر فقط على العلاقات بين اليونان وتركيا، ولكن سيؤثر أيضا على علاقات تركيا مع أوروبا وروسيا.

 

وقال: "أعتقد أن على أردوغان أن يفكر بجدية شديدة في اتخاذ هذه الخطوة - بالنسبة لي غير مقبولة - لأنه سيكون من الصعب عليه تجنب العقوبات المحتملة والمواقف الصعبة المحتملة الأمر الذي تستنهض على الأرجح الاتحاد الأوروبي وروسيا".

 

شُيدت "آيا صوفيا" من قبل الإمبراطور المسيحي جاستينيان وافتتحت في 27 كانون الأول/ ديسمبر 537 ميلادية.

 

وكانت الكاتدرائية أكبر معبد في العالم المسيحي لأكثر من ألف عام، وبعد السيطرة على القسطنطينية من قبل العثمانيين وسقوط الإمبراطورية البيزنطية في 1453، تم تحويل الكاتدرائية إلى مسجد، ولكن منذ منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، أصبح المبنى، بموجب مرسوم مؤسس الدولة التركية الحديثة، كمال أتاتورك، متحفا وأدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

 

كما أثارت خطط تغيير وضع "آيا صوفيا" ردود أفعال في العديد من دول العالم

 

اعتبر الكرملين الروسي أن قرار تغيير وضع "آيا صوفيا" شأن داخلي لتركيا، لكنهم يأملون أن تأخذ السلطات التركية في الاعتبار أهمية هذا المعلم التاريخي.

 

وأدلى بطريرك موسكو وسائر روسيا، كيريل، ببيان خاص دعا فيه السلطات التركية إلى ترك وضع المتحف آيا صوفيا في اسطنبول.

 

كما تبنى مجلس الدوما الروسي نداء إلى "المجلس الوطني الكبير" (البرلمان) في تركيا فيما يتعلق بالمناقشة حول تغيير وضع متحف آيا صوفيا في اسطنبول، وحث على اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لمنع الضرر الذي يمكن أن يحدث بسبب التغيير المتسرع في الوضع.

 

 

مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"

Photo: Creative Commons

الصورة: المشاع الإبداعي