أكد الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرنتييف، أن قضية مكافحة الإرهاب في سوريا لا تزال من بين القضايا ذات الأولوية، وذلك على الرغم من أن موسكو ترصد الاستقرار التدريجي للوضع في الجمهورية. وصرّح لافرنتييف بذلك خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الدولي الـ 16 بشأن سوريا بصيغة "أستانا" في 8 يوليو/تموز 2021.
وقال ألكسندر لافرنتييف: "عند مناقشة القضايا، ركزنا بالطبع على تلك التي تكتسب حالياً أهمية خاصة. لكن مع ذلك، في البداية، عند النظر في الوضع في سوريا، توقفنا عند الحاجة إلى مواصلة القتال ضد الجماعات الإرهابية، على الرغم من الاتجاه العام نحو الاستقرار التدريجي للوضع في أراضي الجمهورية العربية السورية، هذا الكفاح يجب أن يستمر".
وقال الممثل الخاص للرئيس الروسي إن "ذلك يجب أن يتم على الرغم من دعوات عدد من الدول الأوروبية لوقف إطلاق النار على النطاق المحلي، لأنه لم يتم القضاء على التهديد الإرهابي بعد".
وأضاف: "يجب أن نفهم جميعاً أن هذا الإجراء، على الرغم من أن له معنى معين في المستقبل ويجب أن نجتهد من أجل تحقيقه، لكنه في الوقت الحالي يمكن أن يحد من العمل، بما في ذلك عمل القوات الحكومية السورية، والجهود الدولية لمكافحة المنظمات الإرهابية، التي لا تزال تتمتع بإمكانيات كبيرة بما يكفي".
العلاقات بين الحكومة السورية والمعارضة
وبحسب الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، فإن روسيا تلاحظ آفاقاً لحدوث زيادة تدريجية في مستوى الثقة بين الحكومة السورية والمعارضة. وقال لافرنتييف: "لقد أجرينا محادثات مهتمة للغاية مع كل من المعارضة السورية والحكومة السورية، نرى أن هناك احتمالات معينة لزيادة تدريجية في مستوى الثقة".
كما أشار ألكسندر لافرينتيف إلى أن هذه العملية (زيادة مستوى الثقة) طويلة جداً، وتتطلب خطوات متبادلة من كل طرف نحو الآخر،"ونحن نعتمد على هذا كثيرا".
محاربة الإرهاب
إلى ذلك يرى الممثل الخاص للرئيس الروسي أنه من الضروري مواصلة القتال ضد الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية حتى يتم تدميرها بالكامل ودون أي تساهل.
وأشار إلى أنه "لا يمكن أن تكون هناك عملية تبييض للإرهابيين، ولا إعادة تصنيفهم إلى معارضة معتدلة أيضا. يجب أن تستمر الحرب ضد الجماعات الإرهابية حتى يتم تدميرها النهائي والكامل. ولا ينبغي أن يكون هناك هدنة في هذا الاتجاه".
كما لفت ألكسندر لافرينتيف الانتباه إلى أن البيان المشترك، الذي تم اعتماده بعد المناقشات، يوضح بصراحة موقف المشاركين في الاجتماع من وجود مجموعات إرهابية مختلفة في سوريا.
وشدّد على أنه "لا نقبل ذلك، هذا موقف واضح ليس فقط لروسيا والدول الضامنة الأخرى، وإنما أيضاً للدول الرئيسية في التحالف ضد تنظيم داعش".
تبادل الأسرى
وفي شأن آخر تتوقع روسيا، بحسب ما أكده المبعوث الخاص، استمراراً ناجحاً للعمل على مسألة تبادل الأسرى في سوريا.
وقال في هذا الصدد: "كما أننا نعتبرها مهمة للغاية، رغم أن البعض طرح هذا الموضوع على مستوى مختلف، وهو موضوع تبادل المعتقلين والسجناء والبحث عن المفقودين، ونعتقد أن هذه مسألة مُلحّة انضمت إليها أيضاً المنظمات الدولية".. واسترسل قائلا: "سيستمر هذا العمل، ونأمل أن نتمكن في المستقبل من المساهمة في إطلاق سراح من تنتظرهم عائلاتهم".
إلى ذلك أشار ألكسندر لافرينتيف إلى أن مجموعة العمل الخاصة بالإفراج عن المعتقلين والرهائن وتبادل جثث القتلى والبحث عن المفقودين في سوريا، والتي تعمل في إطار صيغة "أستانا"، قامت بعمل عظيم. ويعتقد بعض الناس أن عملية التبادل الذي حدثت مؤخراً - خمسة مقابل خمسة أشخاص - لا يعني شيئاً، وإنما القليل جداً، "ولكن يجب على الجميع أن يفهم جيداً إن أن تبادل المعتقلين عملية شاقة ومعقدة وحساسة للغاية مع تعرض أرواح البشر للخطر".
"الممارسة الشرسة" للغرب
وفي ما يتعلق بتعامل الغرب مع الأزمة في سوريا قال الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرنتييف، في المؤتمر الصحفي إن قضايا المساعدات الإنسانية للشعب السوري يجب أن تأتي في المقدمة، ويجب على الغرب أن يوقف "الممارسة الشرسة" للعقاب الجماعي ضد سوريا.
وأضاف: "نعتقد أن مشاوراتنا السابقة هنا في (عاصمة كازاخستان) نور سلطان تسمح لنا بالاعتماد على مناشدتنا للمجتمع الدولي (لتحويل) التركيز من تحقيق استقرار الوضع من وجهة نظر عسكرية في الجمهورية العربية السورية إلى القضايا الإنسانية، وتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري. سأؤكد مرة أخرى: الغرب لا يريد التحدث عن الحكومة السورية، لكن مع ذلك ينبغي لهم إدراك أن هذا من أجل مصلحة الشعب السوري. ومن الضروري، بالطبع، وقف، كما نعتقد، الممارسة الشريرة للغاية للعقاب الجماعي للشعب السوري".
كما أكد ألكسندر لافرينتيف أنه "يجب أن يتم تقديم المساعدات الإنسانية من خلال السلطات الشرعية للدولة، وروسيا في هذا الصدد تدعو إلى إنشاء آلية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء سوريا عبر دمشق".
وقال المبعوث الخاص: "نعتقد أنه من الضروري أن نوجِد، من خلال جهود المجتمع الدولي، آلية فعّالة وتعمل جيداً بشكل طبيعي، وتكون فعّالة في إيصال المساعدات إلى جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية مباشرة عبر دمشق".
كما شدّد لافرنتييف على أن سوريا هي الدولة الوحيدة في العالم التي ينطبق عليها "مبدأ العمليات عبر الحدود منحرف إلى حد ما"، بخصوص توريد المساعدات الإنسانية. ومن ناحية أخرى فإن موسكو تؤيد الالتزام بالقانون الدولي في هذا الشأن.
انسحاب الوحدات العسكرية الأجنبية
وفي سياق مختلف، قال المسؤول الروسي إن وجود الوحدات العسكرية الأجنبية في سوريا مؤقت، مؤكداً أنه سحب هذه الوحدات من البلاد سيتم قريباً.
وأضاف: "نتمنى بشدة أن يكون وجود فرقة أمريكية محدودة وعدد من الدول الغربية في شمال شرق سوريا، وكذلك الكتيبة التركية في الشمال الغربي مؤقتاً. قريباً مع استقرار الوضع سيتم سحب كل هذه الوحدات العسكرية من البلاد".
كما لفت ألكسندر لافرينتيف الانتباه إلى أن "انسحاب الجنود الأجانب لن يضمن فقط الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، بل سيساعد كذلك في إنهاء العمليات غير الشرعية لاستخراج النفط في البلاد"، مشدداً على أن نهب ثروات الأرض السورية "غير مقبول إطلاقا" حسب وصفه.
إلى ذلك، شدّد لافرنتييف على أن "الموارد الطبيعية يجب أن تكون ملكاً للشعب السوري وأن يتم توزيعها بشكل عادل بما يخدم مصالح كافة المجموعات العرقية التي تعيش في سوريا".
موعد اجتماع اللجنة الدستورية
بالإضافة إلى ما تقدم أشار المسؤول الروسي إلى أن روسيا تتوقع إعلان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن عن موعد الاجتماع السادس للجنة الدستورية السورية وفي وقت قريب.
وقال: "توصلنا إلى تفاهم مشترك وشجعنا غير بيدرسن على تكثيف عمله وإزالة كافة ما تبقى من خلافات وتفاصيل وأفكار العمل، وأعلنّا عقد الدورة السادسة للجنة الدستورية في القريب العاجل".
وبحسب ما أشار إليه لافرينتيف، يتوقع الجانب الروسي "ألا يتأخر هذا العمل لفترة طويلة، وأنه سيكون من الممكن تنظيم اجتماعات منتظمة، والتواصل بين الأطراف المتعارضة من أجل إيجاد حلول وسط معقولة والتوصل إلى تفاهم مشترك، والمضي قدماً في عملية إعداد التعديلات على الدستور".
هذا وقد عُقِدت الجلسة السابقة للمجموعة المصغرة للجنة الدستورية السورية في يناير/ كانون الثاني 2021 في مدينة جنيف السويسرية.
الكهرباء والمياه لحلب والحسكة
وبخصوص الوضع السائد حالياً في المدينتين السوريتين حلب والحسكة، قال ألكسندر لافرنتييف إن إمدادات الكهرباء والمياه إلى حلب والحسكة ستعود إلى مستواها السابق في المستقبل القريب.
وأوضح أن قضية إمدادات المياه والكهرباء تسير جنباً إلى جنب، مضيفاً: "منسوب المياه في نهر الفرات، كما نرى، انخفض في الأشهر الأخيرة بشكل حاد، لأكثر من الضعف، وبحسب الاتفاقيات المُبرمة بين الجمهورية التركية والجمهورية العربية السورية، يجب وصول ما يعادل 500 متر مكعب في الثانية. وقد كانت هناك ضحالة في منسوب النهر، وكان هناك تهديد بوقف عمل سديّ (تشرين) و(الطبقة) مع ما يترتب على ذلك من عواقب سلبية لتزويد الكهرباء، ليس فقط للمناطق الشمالية الشرقية، ولكن أيضا للمناطق الوسطى من سوريا".
وأشار ألكسندر لافرينتيف إلى أنه تمت مناقشة هذا الموضوع مع الممثلين الأتراك.
واختتم الممثل الخاص للرئيس الروسي في سوريا بقوله: "لقد أثرنا هذه المسألة في محادثة مع زملائنا الأتراك، فهم يبقونها تحت السيطرة. لقد أوضحوا ذلك، من بين أمور أخرى، من خلال الوضع في جمهورية تركيا نفسها، وأكدوا لنا أن مستوى تصريف المياه من تركيا عاد في الوقت الحالي إلى مستوياته قبل الأزمة، وهذا يعني أنه سيتم استئناف إمداد الكهرباء في المستقبل القريب جدا، فلنأمل ذلك".
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Photo : Creative Commons
المصدر: تاس