Ru En

عبد اللطيبوف : مسلمو روسيا جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية

٢٤ ديسمبر ٢٠٢٠

لماذا تحتل روسيا صفة الدولة المراقبة في منظمة التعاون الإسلامي؟ إلى اي مدى تعتبر روسيا مسألة تطوير وتعزيز التنمية الشاملة للعلاقات مع العالم الإسلامي مهمة ؟ هذه هي الأسئلة التي طرحها الممثل الخاص لروسيا الاتحادية لدى منظمة التعاون الإسلامي رمضان عبد اللطيبوف خلال التواصل المباشر في إطار المنتدى الدولي " الإسلام في العالم متعدد الثقافات"، الذي ينعقد في مدينة قازان  في معهد العلاقات الدولية بجامعة قازان الفيدرالية.

 

 

الثقافة والروحانية أساس المجتمع

 

وأوضح عبداللطيبوف خلال حديثه المباشر: " في عام 1995 ، أنا بدأت التفاوض مع منظمة المؤتمر الإسلامي وسافرت عدة مرات إلى مدينة جدة، حيث التقيت بالمدير العام للمنظمة و ناقشنا كيفية إيجاد مكان لروسيا في المنظمة، لأن بلدنا تاريخيًا تتعامل بشكل وثيق جدًا مع العالم الإسلامي" مشيرا الى  ان " الأرثوذكسية والإسلام قريبان جدًا من بعضهما البعض، لأنهما يعتبران الروحانية هي أول من تُحدد في الانسان".


و خاطب عبد اللطيبوف الطلاب قائلا : " نشهد اليوم تلاشي القدرات الروحية والثقافية والأخلاقية الهائلة الكامنة في الشعوب الروسية ، من خلال تيار الأنانية والاستهلاك الخالص الذي يفرضه الغرب. روسيا كانت الحصن الروحي للعالم ، وقد خضع هذ الحصن اليوم لتيار من الليبرالية الجديدة، اقتصاد السوق. في التسعينات من القرن الماضي، فرض الغرب علينا نموذجًا مدمرًا للتنمية، أيقظ الأنانية والاستهلاك وقيم غريبة لدى الناس. تدريجيا تلاشت الثقافة والأخلاق واصبحت من الماضي وكأنها شيئا ثانويا ".


وأكد عبداللطيبوف على أن الثقافة والأخلاق والروحانية يجب أن تلعب دائمًا دورًا رائدًا في المجتمع، مضيفا، " ربما كنت أنا من أوائل من لفت الانتباه إلى هذا في فترة الاتحاد السوفياتي". وذكر عبداللطيبوف الطلاب عن  موضوع رسالته للدكتوراه ، والتي دافع عنها في عام 1985 تحت عنوان "المشاكل الروحية والأخلاقية للعلاقات بين الأعراق في مجتمع اشتراكي متطور"، مما يؤكد أنه عاش مع هذه المشكلة لفترة طويلة ويعرفها جيدا عن قرب .

 


تأثير روسيا على العالم الإسلامي كبير


وأيقن عبداللطيبوف أن الآن عندما اصبحت روسيا دولة مراقبة في منظمة التعاون الإسلامي، ظهرت أمامنا فرصة جيدة للاهتمام بالجوانب الروحية لحياة روسيا، إلى جانب التأثير على العالم الإسلامي." تحدثت عن هذا في اجتماع مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" ، الذي عقد العام الماضي في أوفا. لسوء الحظ ، كقاعدة، المسلمون في معظم الاوقات لا يلتفت احد للدفاع عنهم. يجب أن نثبت للعالم أننا لسنا متعصبين ولسنا إرهابيين ولسنا قتلة، لأن هذه الرؤية عن الإسلام تراكمت على مر السنين. بالعودة إلى منتصف القرن، كان ما يقرب من 90٪ من البلدان الإسلامية والأفريقية في حالة تبعية استعمارية، وكان الغرب يفسر أي سعي للنضال الوطني من أجل استقلالها على أنه تأثير التطرف الإسلامي ". وبهذا اختتم ممثل روسيا الإتحادية لدى منظمة التعاون الإسلامي حديثه ، مشيرا بأسف إلى أن مثل هذه الصور النمطية تظهر من وقت الى آخر في داخل روسيا نفسها. في هذا الصدد، من المهم للغاية إظهار التأثير الإيجابي لروسيا على العالم الإسلامي، فضلاً عن توفير الحماية القصوى لروسيا والمسلمين الروس من مختلف أنواع المنظمات المتطرفة والإرهابية، التي توجد العديد منها في الشرق الأوسط وأفريقيا.


لفت عبد اللطيبوف الانتباه إلى الشروط الأساسية لقبول روسيا في منظمة المؤتمر الإسلامي كدولة مراقبة، وأشار إلى مساهمة رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين، الذي يتفهم أهمية مثل هذا العمل. قدم كل من فينيامين بوبوف ومينيمير شائمييف ومرتضى راحيموف الكثير من المساعدة في هذه القضية الجيدة.


تذكروا كلمات فلاديمير فلاديميروفيتش، الذي أعرب عن اقتناعه بأن "مشاركة روسيا لن تكمل فقط اللوحة المشرقة لمنظمة التعاون الإسلامي، بل ستكون قادرة على إضافة فرص جديدة لعملها، وإعطاء وزن وصوت للمجتمع المسلم الروسي الكبير، الذي هو جزء من المجتمع الإسلامي العالمي، وعلى استعداد للمشاركة المثمرة في حياته الروحية والثقافية والسياسية".

 

ولفت عبد اللطيبوف إنتباه المشاركين في الاجتماع إلى أن "فعالية مشاركتنا في منظمة التعاون الإسلامي تعتمد الى اي مدى نعمل على تنفيذ مصالح روسيا في السياسة الخارجية ومدى تفاعلنا مع الدول الإسلامية اقتصاديًا وثقافيًا ". - كانت روسيا السوفياتية البادئ بتحرير العديد من الدول الأفريقية المسلمة من نير الاستعمار. وكنا نحن الذين بادرنا إلى تبني إعلان إنهاء الاستعمار في هذه البلدان ، وكفلنا التنمية الثقافية والاقتصادية لهذه البلدان، التي ينبغي ان تحقق اهدافها انطلاقا من امكانياتها ومخزونها.

 


فرص التعاون مع الدول الإسلامية

 

وفي تلخيصًا للعمل الذي قامت به البعثة الدائمة لروسيا لدى منظمة التعاون الإسلامي هذا العام، قال رمضان عبد اللطيبوف إنه تم توقيع اتفاقية مع منظمة التعاون الإسلامي، والتي بموجبها تجري المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية الروسية ومنظمة التعاون الإسلامي سنويًا. ووفقا له، فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية للعالم الإسلامي والسياسة العالمية، فإن مواقف روسيا والمنظمة تتشابه .


" لسوء الحظ، في االسابق لم نعمل بنشاط كبير مع العالم الإسلامي. نحن اليوم في وضع نعمل على المستويين الرئاسي والدبلوماسي بالكامل، وتم اصاغة المهمة الدبلوماسية بوضوح . ومع ذلك، فإن العديد من المناطق والإدارات والوزارات لا تنفذ المهمة بمحتواها الاقتصادي والثقافي. وذكر عبد اللطيبوف أن الذكرى السنوية الخامسة عشرة لانضمام روسيا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي كدولة مراقبة هي حافز لعلاقاتنا لتكتسب مستوى جديد من الناحية النوعية والانتقال إلى مرحلة جديدة من التعاون ". وهو واثق من وجود فرص كثيرة للتعاون مع الدول الإسلامية. على سبيل المثال، فإن الإيسيسكو، كما أشار المتحدث هي اليونسكو في العالم الإسلامي. بالإضافة إلى ذلك، هناك منظمات خاصة لرؤساء الجامعات في البلدان الإسلامية.


لا ينبغي أن ننظر إلى العالم الإسلامي على أنه متخلف. وأشار رمضان جادجيموراتوفيتش إلى أن النمو الاقتصادي لهذه البلدان أعلى بكثير من الدول المتقدمة. - لا داعي لنسخ التجربة الغربية لاقتصاد السوق والليبرالية ، فنحن بحاجة للمضي قدما مع مراعاة أفضل التجارب . نحن الآن بصدد استعادة الاتجاه الإسلامي للسياسة الخارجية ، واستعادة المشاركة الكاملة لروسيا الاتحادية في أنشطة منظمة التعاون الإسلامي. لتحديد هذه السياسية ، يوجد مينتيمر شايمييف ورستم مينيخانوف وفاريت موخاميتشين نائب رئيس المجموعة وفاريد موخاميتشين رئيس مجلس الدولة في تتارستان . من أكثر منصات التعاون فعالية في العالم الإسلامي منتدى قازان الاقتصادي الدولي ومهرجان قازان الدولي للسينما الإسلامية".

 


منظمة التعاون الإسلامي - 1.5 مليار نسمة ومجالات التعاون متعددة


تحدثت ناتاليا تاراتينوفا، السكرتير الثاني للبعثة الدائمة لروسيا لدى منظمة التعاون الإسلامي، بمزيد من التفصيل عن أهداف وغايات منظمة التعاون الإسلامي. وفقا لها، فإن أهداف منظمة التعاون الإسلامي تتطابق إلى حد كبير مع تطور السياسة الخارجية لروسيا الاتحادية. واضافت : " إن تسوية النزاعات ومكافحة التطرف والإرهاب وكراهية الإسلام والثقافة والعلوم والتعليم ليست سوى جزء صغير مما تهتم به الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. لذلك ، فإن نطاق التعاون بين بلدنا وهذه المنظمة واسع ".و للقيام بذلك ، يكفي فقط التعرف على الهيئات العاملة تحت رعاية منظمة التعاون الإسلامي، والتي تشمل مركز أبحاث التاريخ والفنون والثقافة الإسلامية، ومركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية، وصندوق التضامن الإسلامي، والأكاديمية الدولية للفقه الإسلامي ، والبنك الإسلامي للتنمية، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة وغيرها الكثير.


في الختام، أود أن أتطرق قليلاً إلى الفعاليات الأخيرة التي نظمتها البعثة الدائمة لروسيا الاتحادية في منظمة المؤتمر الإسلامي. من بينها اجتماعات منتظمة مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ونوابه و 8 مؤتمرات عبر الإنترنت، بما في ذلك حول مساهمة الجالية الإسلامية في النصر في الحرب العالمية الثانية ودور كريم حكيموف في إقامة العلاقات الدبلوماسية والودية بين روسيا والمملكة العربية السعودية، حول إمكانيات تعاون المعلوماتي بالإضافة الى العمل المشترك مع مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا  - العالم الإسلامي" ، قمنا بنشر كتيب " روسيا الاتحادية ومنظمة التعاون الاسلامي: نتائج وآفاق التعامل ".


في نهاية اللقاء، انتهز الطلاب الفرصة وطرحوا على رمضان عبد اللطيبوف أسئلة تهمهم، بما في ذلك آفاق التعاون بين قازان وجدة ، وتطور اللغة العربية ودور الإعلام في تشكيل صورة العالم الإسلامي.

 

إلميرا جافياتولينا