اتفقت أنقرة وواشنطن على إنشاء مركز عمليات مشترك في تركيا لتنسيق وإدراة المنطقة الآمنة التي تنوي الدولتان اقامتها شمال شرق سوريا، الأمر الذي يقلل احتمالات قيام تركيا بعملية عسكرية برية في الأراضي السورية في المنظور القريب على الأقل.
لم تكشف تفاصيل الاتفاق، والذي جاء بعد أيام من المفاوضات وأشهر من الجمود وعدم التقدم بسبب خلاف الطرفين حول عمق المنطقة الآمنة في سوريا، وحول من سيقوم بإدارتها ومن سيقوم بدوريات فيها.
المنطقة الآمنة التي يجري الحديث عنها تهدف إلى إنشاء شريط ممتد ل 400 كيلومتر على طول الحدود السورية التركية. تسيطر على تلك المناطق وحدات حماية الشعب الكردية، والتي قاتلت تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (منظمة إرهابية ممنوعة في روسيا) بدعم من الولايات المتحدة.
تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية منظمة إرهابية تشكل تهديدا لأمنها، وقد طالبت تركيا الولايات المتحدة بقطع علاقاتها بها.
أردوغان يلتقي بالرئيس دونالد ترامب في غرفة روزفلت في البيت الأبيض ، واشنطن العاصمة ، 16 مايو 2017 / Public Domain, Shealah Craighead
تركيا كانت قد شنت حملتان عسكريتان في الشمال السوري في الأعوام الثلاث الأخيرة. هدف تركيا كان إبعاد قوات حماية الشعب وكذلك مسلحي تنظيم داعش (منظمة إرهابية ممنوعة في روسيا) عن حدودها. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد لمح نهاية الشهر الماضي إلى حملة ثالثة تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية شرق نهر الفرات وأوضح أن بلاده أبلغت روسيا والولايات المتحدة بالأمر. وقال: «قمنا بعمليات في عفرين وجرابلس والباب والآن سنقوم بعملية شرق نهر الفرات في سوريا».
وأضاف في وقت لاحق أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأوكراني قائلا «إن بلاده اتخذت مع الأمريكيين قرارا بإقامة مركز عمليات من أجل إنشاء «ممر سلام» في سوريا».
بيان السفارة الأمريكية في أنقرة كشف عن أن الوفدين العسكريين، التركي والأمريكي اتفقا على إنشاء «مركز عمليات مشتركة في تركيا في أقرب وقت ممكن لتنسيق وإدارة المنطقة الآمنة" في شمال سوريا. وأضافت السفارة في بيانها أن الطرفين اتفقا على جعل المنطقة الآمنة «ممرا للسلام».
ولم يتطرق أي من الطرفين إلى نقاط الخلاف التي كانت موجودة وإن تم تجاوزها.
جندي سوري / Public Domain, Tech. Sgt. H. H. Deffner
واشنطن كانت قد اقترحت منطقة آمنة من شريط مركب. جزءه الأول بعمق خمسة كيلومترات منزوع السلاح يليه شريط بعمق تسعة كيلومترات خالي من الأسلحة الثقيلة، وبذلك يكون عمق شريط المنطقة الآمنة نصف ذلك الذي تطالب به تركيا. كما طالبت الأخيرة بالسلطة الكاملة على المنطقة، وهو الأمر الذي لم توافق عليه الولايات المتحدة.
بوتين وسيرغي شويغو. موسكو ، موكب في 9 مايو 2017 / CC BY 4.0, kremlin.ru
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قال بأنه لن يقدم أي تفاصيل إضافية حول الاتفاق، ولكن ما رشح كان كفيلا لدعم سعر الليرة التركية ليستقر عند أعلى مستوى له خلال الأسبوع الذي شهد إعلان الاتفاق.
دمشق من جهتها أعربت عن «رفضها القاطع والمطلق للاتفاق الذي أعلن عنه الاحتلالان الأمريكي والتركي حول مايسمى بـالمنطقة الآمنة، والذي يشكل اعتداءاً فاضحاً على سيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية».
المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا / EPA\TASS
أما الموقف الروسي من المفاوضات التركية ــ الأميركية حول المنطقة الآمنة كان قد ورد قبل الإعلان عن أي اتفاق وعلى لسان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف: «بالمبدأ، روسيا ليست ضد إنشاء منطقة آمنة. لكن السؤال هو عن ماهية هذه المنطقة، هل سيتحكم بها الأكراد والعشائر العربية، كما يطالب الأميركيون، أم ستحكمها القوات التركية، كما تطالب أنقرة بعمق 30 إلى 40 كلم؟ نحن نرى وجود الأكراد والعشائر أمراً طبيعياً، لكن موقفنا أن هذه المنطقة يجب أن تكون تحت سيطرة قوات الحدود السورية، والخيار التركي هو الذي لا نريده. وإذا قامت القوات التركية بأي تحرك أحادي، ستحصل معارك مع الأكراد، لذلك موقفنا واضح وثابت، يجب أن تكون المنطقة تحت الإدارة السورية وسيطرة الحكومة». وأضاف «نحن أيضاً نرفض أي وجود لعناصر عسكريين أتراك وعناصر من المعارضة السورية، ونرفض حتى مقترحات تسيير دوريات تركية في تلك المنطقة، ووحدات الجيش السوري جاهزة الآن وقادرة على فرض الأمن وتأمين الحدود».
مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي"