قال خبراء في تصريحات لوكالة أنباء "تاس" إن اكتشاف تركيا لاحتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي في البحر الأسود، والتي تقدر بحوالي 350 مليار متر مكعب، حتى الآن لا يشكل تهديدا لروسيا في سوق الغاز في تلك المنطقة، حيث لا يزال هذا الحقل غير مدروس بشكل جيد.
وقال أليكسي غريفاش، نائب رئيس صندوق أمن الطاقة القومي: "هذه ليست خدعة، ولكن من المستحيل أيضا وصف هذه المعلومات حول اكتشاف كبير للاحتياطيات القابلة للاسترداد تقنيا وتجاريا بالمعلومات الكاملة".
مشيرا إلى أن العديد من الدول كان لديها في وقت سابق آمال كبيرة على صعيد الاكتشافات الجيولوجية في البحر الأسود، ولكن حتى الآن لم يتم التحقق من ذلك.
وأضاف غريفاش: "من وجهة نظر إنتاج الأحجام الحقيقية، لا يزال الوضع في المنطقة يرثى له. وكذلك رومانيا حيث تم اكتشاف أكبر احتياطيات للغاز على جرف البحر الأسود منذ 8 سنوات وحتى اليوم لم تتمكن من تشغيلها، على الرغم من مشاركة شركات على مستوى عالمي في هذا المشروع مثل: إكسون و"OMV".
بدورها قالت إيكاترينا كولبيكوفا، المستشارة في شركة "فيغون" للاستشارات، إن احتمال إنتاج الغاز التجاري في تركيا أمر مشكوك فيه، لأنه وبحسب أسعار الغاز الحالية، لن يكون الحقل الجديد قادرا على منافسة أي نوع من الغاز الطبيعي المسال، ناهيك عن الغاز الروسي والإيراني والأذربيجاني التقليدي.
وبحسب المستشارة كولبيكوفا فإنه على خلفية تطوير مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية في البلاد، سوف يستمر استهلاك الغاز في الانخفاض فيما ستكون الالتزامات التعاقدية حتى عام 2025 أعلى من احتياجات تركيا.
وأضافت: "التواريخ المعلنة لبدء الإنتاج التجاري غير مرجحة أيضا. على رصيف البحر الأسود وساخالين، فإن الوقت من لحظة اكتشاف الحقل إلى بدء الإنتاج التجاري هو 18-24 عاما، والعمل على الاكتشافات الرئيسية الأخيرة في المنطقة، على سبيل المثال، حقل نبتون الروماني، مستمر منذ حوالي 10 سنوات. وذلك على الرغم من اهتمام الحكومة بتقليل الاعتماد على الواردات".
كما يوضح محلل الثروات الباطنية في مؤسسة "وود ماكينزي"، توماس بوردي، أن تطوير الاحتياطيات في البحر الأسود أمر معقد من الناحية اللوجستية ويتطلب مليارات الدولارات. ولهذا السبب توقف مشروع "نبتون ديب" الروماني الذي يقع على بعد 100 كيلومتر فقط من بئر "تونا -1" التركي.
ماذا لو؟
على الرغم من حقيقة أن آفاق الإنتاج في ذلك الحقل لا تزال غامضة، فمن المرجح أن تستخدم تركيا المعلومات المتعلقة بالاحتياطيات في المفاوضات مع روسيا وإيران وأذربيجان، ونتيجة لذلك ستتمكن من تعزيز موقفها.
وقال موراي دوغلاس، مدير قسم الغاز الأوروبي في شركة "وود ماكينزي": "خلال العقد المقبل، قد يكون لهذا الاكتشاف آثار بعيدة المدى على واردات الغاز إلى تركيا وفي المحادثات المقبلة مع غازبروم وأذربيجان وإيران".
من جهته يعتقد سيرغي كابيتونوف، محلل شؤون الغاز في مركز الطاقة التابع لكلية موسكو للإدارة "سكولكوفو" أن وجود مثل هذا الأصول سيعزز بشكل كبير موقف تركيا في المفاوضات مع أي من موردي الغاز، مشيرا إلى أن البلاد لن تكون قادرة على التخلي تماما عن واردات الغاز إليها.
وإذا تمكنت تركيا من تأكيد الاحتياطيات المعلنة للحقل، وتبين أنها مربحة، فستكون الدولة قادرة على استخراج 5-10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا، أي ما نسبته 12-25% في مقياس السوق التركي الحالي، بحسب ما ذكره غريفاش من صندوق أمن الطاقة القومي.
"بطبيعة الحال، فإن ظهور مصدر إضافي للإمداد سيزيد من المنافسة بين الموردين الآخرين، التي تهتم بهم تركيا بشدة، وستستخدم "الانفتاح" في المفاوضات مع مصدري الغاز إلى تركيا. ولكن مرة أخرى، يمكن أن يؤدي ذلك أيضا إلى زيادة الطلب على الغاز. تركيا لا تفعل ذلك. ولكن إذا تم تأكيد الاحتياطيات فيمكنهم وربما سيحاولون جذب شريك تقني من بين شركات النفط والغاز الغربية الكبرى"، بحسب اعتقاد الخبير.
وأضاف:"لن أصاب بالذعر في وقت مبكر لأننا لا نرى سوى البيانات السياسية حتى الآن. يجب أن ننتظر تأكيدا لاحتياطيات السلع الأساسية، وبيانات عن تكلفة الاستخراج. على سبيل المثال تمتلك الصين احتياطيات ضخمة من الغاز، لكنها تقع على عمق يستحيل استخراجه. لذلك، وهنا نرى أن تركيا قد تلقت سببا للإدلاء بتصريحات، لكن ليس لدى روسيا أي سبب للتخوف".
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Photo: sulox32/Pixabay
المصدر: تاس