بعد عدة أسابيع من المفاوضات المكثفة، تمكن وزراء مظمة "أوبك +" أخيرا من التوصل إلى توافق في الآراء بشأن مقدار الخفض في إنتاج النفط اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2021.
في الاجتماع الذي عقد في 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، تم التصويت لصالح السيناريو الذي اقترحته روسيا منذ البداية: سيتمكن مصدرو النفط من زيادة الإنتاج تدريجياً، بمقدار 0.5 مليون برميل يوميا في الشهر، بدءا من العام الجديد.
الطريق الطويلة
تميزت المشاورات الشتوية للدول المنتجة للنفط في منظمة "أوبك +" بوفرة الآراء المتعارضة. حتى في مارس/آذار، عندما لم تتسنى إمكانية الاتفاق في الاجتماع في فيينا، كان هناك رأيان متعارضان فقط حول كيفية بناء سياسة الإنتاج خلال الأشهر المقبلة.
وهذه المرة، كما في السابق، تحددت لهجة المفاوضات عند روسيا والسعودية، أكبر منتجي النفط في التحالف. ولكن الإمارات عرضت أيضا موقفا مختلفا بشكل غير متوقع.
لذلك، إذا كان يعتقد في الرياض أن المستوى الحالي للقيود البالغ 7.7 مليون برميل في اليوم يجب أن يتم تمديده بمقدار الربع على الأقل، أي حتى نهاية مارس 2021، فإن موقف الإمارات هو الإبقاء على الخطة الأصلية سارية، وبموجب ذلك، كان الانخفاض في إنتاج النفط من يناير قد انخفض إلى 5.8 مليون برميل في اليوم.
وفي غضون ذلك، اقترحت روسيا خيار التسوية. ووفقا لهذا المقترح، يجب أن يبدأ انتعاش الإنتاج من يناير، ولكن لا يزال ينبغي أن يكون سلساً.
ولم تتمكن المفاوضات من الانطلاق لعدة أسابيع، ولهذا السبب تم تأجيل الاجتماع الرسمي من 1 إلى 3 ديسمبر، ولم تبدأ المصادر الإخبارية في الإبلاغ عن أولى بوادر التقدم إلا في مساء يوم 2 ديسمبر/ كانون الأول، وعادت المناقشات إلى المسار الدبلوماسي. وظهرت الأخبار فور بدء الاجتماع، وكما تبيّن، فإن الخيار الوحيد للمناقشة هو الخيار الذي يفترض زيادة الإنتاج بمقدار 0.5 مليون برميل يوميا كل شهر.
وبحسب ما أورده لوكالة "تاس" مصدر مشارك في المفاوضات، قرر الوزراء الاجتماع كل شهر لمراقبة أوضاع السوق وتأكيد خطة زيادة إنتاج النفط بمقدار 0.5 مليون برميل أخرى.
وفي المؤتمر الصحفي الأخير بعد الاجتماع، أكد نائب رئيس وزراء روسيا الاتحادية، ألكسندر نوفاك، أن الاتفاقات كانت من هذا النوع بالضبط، وأشار إلى أنهم ما زالوا يتحدثون عن تخفيف القيود بمقدار 2 مليون برميل في اليوم، ولكن فقط على أساس شهري. وسيوافق أعضاء النقابة على أحجام استرداد الإنتاج لكل شهر على أساس شهري، وستبدأ الاجتماعات في يناير.
وأكد نوفاك أن روسيا في هذه الحصة ستكون قادرة على زيادة الإنتاج في يناير بمقدار 125 ألف برميل يوميا، ورجال النفط جاهزون فنيا لذلك. وأضاف: "أكدت الشركات استعدادها لزيادة (الإنتاج) إذا تم اتخاذ مثل هذا القرار الموحد من قبل جميع الدول".
اللعبة الأخيرة للعروش
كان الجدل في "أوبك +" متوترا وبشكل خاص بسبب التقارير التي تفيد بأن المملكة العربية السعودية طلبت الاستقالة من الرئاسة ودعت الإمارات إلى توليها، فيما ترأّس ألكسندر نوفاك المؤتمر بأكمله بصفته الرئيس المشارك الوحيد بحسب مصادر "تاس".
في مؤتمر أوبك الوزاري في 30 نوفمبر، لم يأخذ وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، على عكس المعتاد، الكلمة الافتتاحية، وانطلق مؤتمر "أوبك +" الوزاري في 3 ديسمبر على الفور خلف الأبواب المغلقة من دون مناشدة تقليدية للصحافة والمحللين.
هذا وأصبح من الواضح خلال المؤتمر الصحفي، بعد اتخاذ القرار، أن الأجواء باتت أكثر هدوءً بين المشاركين في الاجتماع مرة أخرى. وفي نهاية الاجتماع، أخطرت أمانة أوبك الجمهور على الفور أن زملاء الأمير محمد بن سلمان في "أوبك +" طلبوا منه استعادة دور الرئيس المشارك، فوافق الأمير على ذلك.
وأثناء حديثهما إلى الصحافة، اتصل نوفاك وبن سلمان ببعضهما البعض، ودعا الأمير نائب رئيس الوزراء الروسي إلى "حفل شواء" في السعودية، وتشير الأنباء إلى أن هذه الزيارة قد تتم في 19 ديسمبر من هذا العام.
وفي الختام حث الوزير السعودي الصحفيين على عدم تضخيم حجم الخلافات بين الشركاء. وقال: لا توجد "حرب النجوم" في أوبك. لقد انتهت "لعبة العروش"، مختتماً حديثه قائلا إن "آخر معركة من هذا النوع انتهت اليوم".
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Фото: Creative Commons