الأكاديمي مروان سوداح* - روسيا
تميّزت تصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين، وفخامة الرئيس فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، خلال لقاءاتهما المتعددة مؤخراً، في سوتشي الروسية، ضمن مؤتمر "فالداي" الدولي المُتميّز، بحميمية واضحة وأخوية عميقة، تعرِض على الملأ لعلاقات شخصية ورسمية متميزة، تُبنَى عليها دعائم روابط الدولتين والشعبين على منحى استراتيجي ثابت.
اللافت للانتباه شعبياً في روسيا، تركيز وسائل الأنباء والإعلام الروسية من ورقية ومرئية ومسموعة، على زيارة جلالة الملك وتصريحاته إلى جانب تصريحات الرئيس بوتين عن جلالته والأُردن. وفي ردود الأفعال الشعبية، يتضح أن هذه الزيارة الملكية إلى روسيا دفعت بعلاقات الدولتين إلى الأمام أكثر مما مضى، وبات المجتمع الروسي يتحدث بالمزيد عن الأُردن، وعن ضرورات تعزيز العلاقات مع المملكة سياسياً وشعبياً، وعلى مستوى إعلامي وثقافي وسياحي وغيره، ما يُفشّل تخرّصات قوى أجنبية واستعمارية واستيطانية، تعمل على التقليل من شأن هذه العلاقات وأهمية مكانة الأردن.
لقد عرضت الزيارة الملكية في روسيا إلى شخصية متميزة لجلالة الملك، وإلى وطن أردني نُفاخر به في المجتمع الروسي والعالم، وأكدت على واقع انفتاحية الأردن على روسيا وغيرها، والثقة العميقة والمتبادلة بين الزعيمين الملك وبوتين، والتي تعمّقت وتجذّرت خلال أكثر من عقدين من الزمن من علاقاتهما المباشرة، كما نوّه جلالته إلى ذلك في سوتشي، إذ أن هذه العلاقات تتّسم بصداقة على صعيد شخصي أيضاً، لتساهم بالتالي، وبقوّة، في مضاعفة منسوب روابط الدولتين في الفضاء الرسمي، الذي ينعكس على كل فاعليات مجتمعينا الأُردني والروسي، وسنحاول في مقالات مُقبلة عرض وجهات النظر الإعلامية الروسية، التي تناولت كعادتها تصريحات جلالة الملك بإعجاب شديد وانتباه واضح.
العلاقات الشخصية بين جلالة الملك والرئيس بوتين غدت مدار بحث وأحاديث في العائلات والأُطر التنظيمية المختلفة للمجتمع الروسي، وهو ما يؤكد نجاح القائدين في تقريب شعبيهما من بعضهما بعضاً. إضافة لذلك، لفتت إلى نُدرة توافر مثل هذه العلاقات بين غالبية زعماء العالم، وبين بلدين ينتميان لحضارتين مختلفتين، شغلتا وضعية تآخٍ عميق وكامل عبر التاريخ، منذ أكثر من ألف سنة، وجرى تدعيم ذلك في خِضم طريق التجارة العربي الروسي، الذي يوصف مجازاً بطريق الحرير بين العرب والروس، والذي ربط بلاد الشام، وعلى وجه التحديد آسيا العربية، بموسكو وسائر الروسيا.
المُلاحظ، أن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى روسيا جاءت متلاصقة بمناسبتين هامتين هما، إحياء الذكرى 56لإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الأُردن والاتحاد السوفييتي، الذي ورثته روسيا قانونياً، والاعلان عن البيان الختامي لأعمال المُنتدى الخامس للهيئة الرئاسية المهمة "مجموعة الرؤية الاستراتيجية - روسيا العالم الإسلامي"، والذي انعقد في العاصمة الشمالية لروسيا "سانت بطرسبورغ"، حيث كان لي الشرف بالتجاوب مع مطلب الشخصيات القيادية للمنتدى، لأُدلي بتصريحات لوسائل الإعلام الروسية، تناولت زيارة جلالته إلى روسيا قبل بدئِها، ولمخاطبة الرأي العام الروسي، باللغة الروسية، عن الأهمية القصوى لروابط دولتينا الصديقتين، تاريخها وحاضرها، استراتيجيتها ونفعِها وآفاقها للبلدين ولشعوب إقليم "الشرق الأًوسط".
والجدير بذكره بمناسبة زيارة جلالة الملك إلى روسيا، أن منتدى "المجموعة" الرئاسية المذكور، كان حضره بالإضافة لعشرات الوفود من الدول العربية والإسلامية، وفد من الأُردن، تناول فيما تناول، مهام الإعلام في العالم المُعَاصر وبخاصة مع عالمنا العربي الذي يَشهد، وللأسف، هجمة إعلامية مضادة من أبواق وأذرع الإعلام المُزيّف والحاقد والتزييفي، تستهدف مكانته ودوره ووجوده الفاعل على خريطة الكَون، وقد بحث المنتدى أًبعاد علاقات الأُردن والعرب والمسلمين مع حليفهم الطبيعي – روسيا التي تحدث جلالة الملك المعظم عن الشّراكة الاستراتيجية للاردن معها، مُستخدماً مفردات متميزة لفتت انتباه الرأي العام الروسي بأسره.
خطاب وتصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني في "فالداي"، وعلى هامشه، شكّلت جذباً للمهتمين والمتابعين المتخصصين، يدفع بهم لمهمة عاجلة، تتمثل في ضرورة دراستها بصورة مُعمّقة، وإلى جانبها دراسة خطاب وتصريحات الرئيس فلاديمير بوتين، لاستخلاص الكثير من معاني المفردات والعِبر الحميمة والأفكار التي اشتملت عليها، وهي تؤشر بالتأكيد على إنجاز قفزة كبيرة في علاقات بلدينا المتآخيين.
*كاتب وإعلامي أردني متخصص بالشأن الروسي، ورئيس رابطة القلميين الدولية حُلفاء روسيه.
الصور: الموقع الرسمي لرئيس روسيا