Ru En

بوتين للأسد: مواصلة مساعدة سورية حكومة وشعبا في الدفاع وضمان الأمن وإعادة الإعمار

٢٢ يوليو ٢٠١٩

تبادل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد برقيات التهنئة بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

 

ويصادف تاريخ 21 تموز/ يوليو الذكرى السنوية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا الاتحادية والجمهورية العربية السورية.

 

وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في برقيته إلى نظيره السوري، استمرار بلاده في دعم سورية في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها ومساعدتها في عملية إعادة الإعمار. بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".

 

وقال الرئيس الروسي: لقد تم اكتساب الخبرة الواسعة خلال العقود الماضية في التعاون الثنائي في مختلف المجالات، واليوم تتحالف روسيا وسورية في محاربة الإرهاب والتطرف الدوليين.

 

وأضاف إنني على ثقة بأن الجهود المشتركة ستلحق الهزيمة النهائية بالإرهاب في الأرض السورية، مؤكدا أن روسيا ستواصل تقديم المساعدة لحكومة سورية وشعبها في الدفاع عن سيادة الوطن وسلامته وكذلك في ضمان الأمن الوطني وإعادة الإعمار.

 

بوتين للأسد: مواصلة مساعدة سورية حكومة وشعبا في الدفاع وضمان الأمن وإعادة الإعمار

 Kremlin.ru, 2015, CC BY 4.0/  فلاديمير بوتين و بشار الأسد

 

وتابع الرئيس بوتين إننا ننطلق من أن مواصلة تطوير العلاقات الروسية السورية تستجيب مع مصالحنا المشتركة وتمضي في مسار تعزيز السلام والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.

 

بدوره عبر الرئيس السوري في برقيته، باسمه وباسم الشعب العربي السوري، عن فائق الاعتزاز والفخر بالصداقة التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع بين البلدين والشعبين السوري والروسي مؤكدا حرص الجمهورية العربية السورية حكومة وشعبا على المضي قدما في تعزيز العلاقات والارتقاء بها في جميع المجالات بما يعود بالنفع المتبادل على البلدين ويحقق مصالحهما.

 

الأسد: روسيا دولة عظمى والعلاقات معها تستند إلى أسس قوية من الثقة والاحترام

 

وأشار الرئيس الأسد إلى أننا "في سورية كنا وسنبقى دائما مطمئنين للعلاقات مع روسيا الاتحادية لأنها تستند إلى أسس قوية من الثقة والاحترام المتبادلين ولأن روسيا أثبتت عبر التاريخ أنها دولة عظمى بما يعنيه ذلك من احترام للقانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام إرادة الشعوب والعمل على إرساء أسس الأمن والاستقرار في شتى أنحاء العالم ونشر قيم المحبة والسلام في مواجهة الإرهاب والتطرف البغيض الذي تدعمه بعض الدول خدمة لمصالحها الضيقة.

 

ولفت الرئيس الأسد إلى أن الشعب السوري إذ يقدر عاليا بسالة وجرأة الأبطال الروس الذين ساهموا وبكل فعالية في محاربة الإرهاب على الأراضي السورية فإنه يثمن وقوف روسيا إلى جانب سورية فى المحافل الدولية دفاعا عن سيادتها وقرارها المستقل ناهيك عن المواقف الإنسانية النبيلة التي بدرت من قبل روسيا الاتحادية وشعبها تجاه الشعب السوري. بحسب وكالة "سانا".

 

وفي السياق ذاته، تبادل رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف ونظيره السوري عماد خميس برقيات التهنئة بهذه المناسبة.

 

وشدد رئيس الوزراء ميدفيديف في برقيته على أن التعاون الثنائي التجاري والاقتصادي والثقافي والإنساني يمضي قدما، ويتم تنفيذ المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات، مبينا أن العمل المشترك سيساهم في تعزيز التعاون وسيخلق الظروف الملائمة لتشجيع المبادرات الواعدة في مجالات عديدة.

 

من جهته أكد رئيس الحكومة السورية أن "علاقات الصداقة المميزة والتعاون التاريخي بين بلدينا قد تطورت بشكل كبير منذ عام 1944 واليوم تتجه إلى مرحلة جديدة من التطور في جميع المجالات".

 

وفي هذه المناسبة العظيمة للشعبين الروسي والسوري، نود في مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي" تقديم لمحة تاريخية للعلاقات بين البلدين منذ انطلاقتها في أربعينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا.

 

بدايات العلاقات التاريخية بين البلدين

 

نعود بالذاكرة إلى ذلك اليوم الذي ذهب فيه السفير السوفييتي، دانيال سولود، لتحرير رئيس الحكومة السورية سعد الله الجابري من الحصار الذي ضربته قوات الاحتلال الفرنسي في 29 أيار/ مايو 1945 حول فندق "الشرق" وسط العاصمة دمشق. ومنذ ذلك الحين بدأت تظهر أولى العلامات البارزة على التطور المنتظر للعلاقات الروسية السورية.

 

بوتين للأسد: مواصلة مساعدة سورية حكومة وشعبا في الدفاع وضمان الأمن وإعادة الإعمار

Public Domain /  دانيال سولود

 

السفير سولود كان قد قدم أوراق اعتماده كأول سفير سوفييتي في دمشق قبل ذلك بعام، وتحديدا في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1944، ليساهم بعدها وبشكل فعال في صياغة الدعم السوڤيتي المؤيد لاستقلال سوريا من الاحتلال الفرنسي، ليتبع ذلك سلسلة طويلة من التفاهمات التي صاغت على مدى 75 عاما تحالفا تاريخيا قويا بين البلدين قل نظيره من حيث الثبات في العصر الحديث.

 

نهاية تشرين الأول/ أكتوبر عام 1956، قام شكري القوتلي بأول زيارة لرئيس سوري إلى روسيا، وخلال اجتماعه مع الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف، طلب القوتلي دعماً عسكرياً وسياسياً لمصر بعد ساعات من بدء العدوان الثلاثي مطالبا بإرسال الجيش الأحمر لحماية مصر من إسرائيل وفرنسا وبريطانيا.
لم يتأخر خروتشوف عن تلبية طلب الرئيس السوري، ولا يزال العالم يذكر موقفه الشهير من ضرورة الوقف الفوري للحرب، "وإلا ستنتقل المعارك إلى العواصم الأوروبية المعتدية".

 

بعد ذلك بعام، وقع نائب رئيس الوزراء السوفيتي نيكولاي بولكانين ونظيره السوري خالد العظم اتفاقية للتعاون الاقتصادي، تتضمن معونة اقتصادية سوفيتية لسوريا بقيمة 300 مليون دولار ومساعدات تقنية وصناعية، ليتطور التعاون في 1966 إلى الاتفاق على بدء أعمال بناء سد الفرات الاستراتيجي في سوريا.

 

من الصداقة التقليدية إلى التعاون الاستراتيجي والتنسيق الشامل

 

ما سبق، مجرد عينة من القفزات التي شهدتها العلاقات السورية الروسية على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، بما يتجاوز حدود الصداقة التقليدية إلى التعاون الاستراتيجي والتنسيق الشامل في جميع الملفات وفق رؤية واضحة ومشتركة لكل ما يتصل بالقضايا الدولية والمسائل الثنائية ذات الاهتمام المشترك.

 

وانطلاقا من ذلك سعى البلدان طيلة العقود الماضية إلى بناء منظومة علاقات جديدة في السياسة الدولية تقوم على التوازن والتعددية وكسر احتكار القطب الأوحد والتخلي عن إرث ومخلفات الحرب الباردة ورفض اللجوء الأحادي لاستخدام القوة كسبيل لحل الأزمات الدولية.

 

وتجسيدا لما سبق أعلنت روسيا دعمها لسورية في مواجهة محاولات الغرب استخدام عصابات الإرهاب المسلح لفرض أجندات تتعارض مع القانون الدولي ومصالح الشعب السوري، الأمر الذي واجهته روسيا باستخدام حق النقض الفيتو مرارا في مجلس الأمن الدولي لمنع تلك القوى من تمرير مخططاتها عبر المنظمات الدولية، وبما ينسجم مع الموقف الروسي المبدئي والثابت، وعلى التوازي بدأت العمل دون كلل لإنهاء الأزمة في سورية عبر توفير أجواء الحل السياسي القائم على الحوار الوطني بين جميع السوريين.

 

ولم تقف روسيا على الحياد أمام نشاط الإرهاب فكانت واضحة في إدانتها كل أشكاله أينما وجد من أفغانستان إلى العراق وسورية وكل المناطق والدول التي تنشط فيها التنظيمات الإرهابية تحت مسميات مختلفة.

 

حقبة جديدة للعلاقات في عهد الرئيس بوتين

 

ومع مطلع الألفية الثالثة، دخلت العلاقات الروسية السورية بمرحلة جديدة تمثلت في حقبة بوتين الذي أعاد إلى رأس النسر في الشعار الروسي التفاتته نحو الشرق، وعادت الحياة إلى صادرات الأسلحة الروسية لسوريا.

 

وقام الرئيس السوري في الأعوام 2005 و 2006 و2008 بزيارات إلى روسيا والتقى فيها فخامة الرئيس فلاديمير بوتين، لتنفتح العلاقة بين البلدين على آفاق واسعة لتطوير العلاقات المشتركة ودفعها إلى الأمام والتفاهم والتنسيق حيال القضايا على المستويين الإقليمي والدولي إضافة لحرص الجانبين على تعميق وتمتين العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.

 

بوتين للأسد: مواصلة مساعدة سورية حكومة وشعبا في الدفاع وضمان الأمن وإعادة الإعمار

 Kremlin.ru, 2010, CC BY 4.0 /  دميتري ميدفيديف و بشار الأسد 

 

كما جاءت زيارة الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف في أيار/ مايو عام 2010 إلى سورية تتويجاً لرغبة البلدين القوية بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما والارتقاء بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات إلى آفاق أوسع ولاسيما في المجالين الاقتصادي والتجاري إضافة إلى تأكيد البلدين دائما تمسكهما بالمبادئ.

 

العلاقات التجارية

 

وينظم العلاقات التجارية بين سورية وروسيا عدد من الإتفاقيات والبروتوكولات التجارية وفي مقدمتها الاتفاق الموقع في دمشق عام 1993 بين الحكومتين السورية والروسية للتعاون التجاري والاقتصادي والفني والذي نص على إتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل وتشجيع المبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي والفني ودعم التعاون في مجالات الطاقة والري والزراعة والصناعة والنقل والنفط والتجارة، ومنح معاملة الدولة الأكثر رعاية فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والضرائب إضافة إلى الاتفاق على تسديد المدفوعات بين البلدين بعملات قابلة للتحويل بصورة حرة وتسهيل وتنشيط إقامة المعارض الوطنية والدولية.‏‏

 

وأتاحت إتفاقية تجنب الإزدواج الضريبي التي وقعتها سورية وروسيا في دمشق في أيلول/ سبتمبر عام 2000 فرصاً كبيرة لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين على صعيد القطاعين العام والخاص وكذلك الأمر بالنسبة لاتفاقية التعاون الموقعة بين اتحاد غرف التجارة السورية وغرفة التجارة والصناعة في روسيا الموقعة في العام نفسه التي أسهمت في توطيد وتوسيع علاقات العمل التجارية والاقتصادية بين رجال الأعمال في البلدين.

 

ووقع مجلس رجال الأعمال الروسي العربي واتحاد غرف التجارة السورية في عام 2004 اتفاقية اللجنة الثنائية الروسية السورية قبل أن يوقع البلدان بعد ذلك بأشهر قليلة وثيقة الإعلان المشترك حول مواصلة تعميق علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.

 

وتزود روسيا سورية بالمنتجات النفطية والمواد الكيميائية والعضوية والمعادن والخشب والتجهيزات والأسمدة والورق والأنابيب والجرارات والذرة والأعلاف في الوقت الذي تستورد فيه روسيا من سورية المنتجات الغذائية ومنتجات الصناعات الخفيفة والخضار والفواكه والمنتجات النسيجية والخيوط والألياف والقطن والأحذية والأدوات المنزلية ومصنوعات الاستعمال الشخصي والزينة والأثاث.

 

بوتين للأسد: مواصلة مساعدة سورية حكومة وشعبا في الدفاع وضمان الأمن وإعادة الإعمار

Public Domain / دمشق

 

كما يواصل اتحاد غرف التجارة السورية العمل مع مجلس رجال الأعمال الروسي العربي على تنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية السورية الروسية من خلال السعي إلى إقامة الأسواق والمعارض التجارية في كلا البلدين.

 

وفي مجال النفط وقعت وزارة النفط والثروة المعدنية وشركة (سيوزنفتاغاز إيست ميد) الروسية نهاية شهر كانون الأول/ أكتوبر من العام الماضي عقد (عمريت البحري) للتنقيب عن البترول وتنميته وإنتاجه في المياه الإقليمية السورية في البلوك رقم (2) الممتد من جنوب شاطئ مدينة طرطوس الساحلية إلى محاذاة مدينة بانياس.

 

وفي الخامس والعشرين من شهر أيار/ مايو الماضي وقع جانبا اللجنة السورية الروسية المشتركة خلال اجتماعهما في مجلس الوزراء بالعاصمة دمشق مذكرة تفاهم حول مجالات التعاون في الإطار الجمركي الاقتصادي وخاصة في مجالات الطاقة والجمارك.

 

وتأكيدا على نمو العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين الصديقين قررت وزارة التربية السورية إدراج اللغة الروسية في المناهج التعليمية، اعتباراً من العام الدراسي القادم، حيث سيتمكن طلاب الصف السابع اختيار لغتهم الثانية بين الروسية والفرنسية.

 

وتسعى سورية وروسيا باستمرار إلى تطوير التعاون الاقتصادي المشترك في مجالات البنية التحتية والنفط والغاز ونقل مواد الهيدروكربون وزيادة قدراتهما في مجال الطاقة الكهربائية وتطوير وسائل نقل السكك الحديدية والجوية وتكنولوجيا المواصلات والسياحة وحماية البيئة والري وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى تشجيع إجراء الأبحاث العلمية المشتركة والقيام بالتعاون الفني ولاسيما في مجالي التكنولوجيات العالية واستخدام الفضاء للأغراض السلمية.

 

الصورة في الجزء العلوي من المقال: الموقع الرسمي للرئيس الروسي / Creative Commons

مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي"